أحلام السنيدي
Alsinaidiahlam@gmail.com
إذا نظرنا للأشخاص الناجحين والمتميزين من حولنا، وحاولنا التمعن في الأسباب التي جعلتهم مختلفين، سنجد أنهم يتمتعون بصفات مشتركة تندرج تحت مظلة الذكاء العاطفي.
وعلى الرغم من التطور السريع الذي نعيشه في العصر الحالي، ودور الذكاء العقلي في مواكبة كل جديد، إلا أن الذكاء العقلي وحده لم يعد السبب الرئيسي في نجاح البشر.
وكثيرًا ما نسمع عن الذكاء العاطفي في هذه الأيام، وكوني تربوية ومدربة تطوير ذات، فقد قادني فضولي لأن اتعمق أكثر وأتخصص في هذا المجال، إذ إن الذكاء العاطفي ببساطة هو أن تكون واعيًا بذاتك ومشاعرك وقدرتك على إدارة تلك المشاعر وتنظيمها وتحفيز نفسك، وأيضا قدرتك على التعاطف مع الآخرين وفهم مشاعرهم للتواصل معهم بشكل ناجح، وخاصة في حل النزاعات وتجاوز التحديات.
لقد تعرضت للكثير من التجارب سواء الاجتماعية أو العملية، وكانت ردة فعلي دائما مقترنة بشعوري، ودائما ما كنت أوازن بين ما يمليه علي عقلي ويدفعني إليه شعوري، لأشعر بعد ذلك بالسلام الداخلي والهدوء النفسي.
إنني أؤمن أن الله تعالى خلق البشر مختلفين، ومنح كل منا مواصفات تجعله قادرا على إقامة العلاقات المثمرة مع الأفراد الآخرين، وذلك ضمن إطار إنساني متوازن فعال، وهذه الصفات تمكن الفرد من مواجهة التحديات وصعوبات الحياة، وينعكس ذكاؤه العاطفي على صحته النفسية واتخاذه للقرارات المتزنة ما بين المنطق والعاطفة.
وإذا ما نظرنا إلى محيط الأسرة والعمل على سبيل المثال، فإننا نتعامل مع شخصيات مختلفة، وقد نصطدم معهم في مواقف كثيرة، وفي هذه المواقف نحتاج إلى التعامل بإيجابية وذكاء لتقليل أي ضرر، سواء نفسي أو مادي؛ وبالتالي الحفاظ على العلاقات بالوصول إلى جو من التفاهم والتعاون.
كيف لي أن اطور من ذكائي العاطفي؟.. عندما أراجع نفسي في كل محطة من محطات الحياة وأراجع طريقة تعاملي مع الأشخاص من حولي، أجد نفسي في تطور كبير وأتصور أن للعمر دورًا كبيرًا في ذلك، ولكن النضج العمري إن صح التعبير هو مجرد رقم إذا لم يتغذى بفكر ومعرفة واطلاع وممارسة لتلك المعارف، وفيما يخص الذكاء العاطفي فالتطوير يكون بالوعي لشعورنا وذلك بتأمل المواقف وتدوينها في يوميات أو ما شابه ذلك، ومن ثم التحكم في ردود الفعل العاطفية بشكل صحي ومتوازن ، وبالأخص في المواقف الحياتية الصعبة بالتنفس العميق والتأمل وتقوية الجانب الروحاني وغيرها من التقنيات التي تساعدنا في إدارة الشعور بإيجابية.
وأخيرا، يمكنني القول أن النضج العاطفي يكون بالوعي بمشاعرنا وفهمنا لذاتنا وتحفيزها باستمرار، وبالقدرة على فهم شعور الآخرين والتفاعل والتواصل الإيجابي معهم، وكل ما عليك فعهل هو الممارسة والتدرب على أن تمتلك الذكاء العاطفي وأن تكون فردا فعالا في مجتمعك.