سارة البريكية
شهد العالم أجمع تلك المحرقة البشعة التي حدثت قبل أيام قليلة في مُخيمات المقاومة الفلسطينية المحتلة ما حدث في ليلة قمراء شهدتها مدينة رفح الفلسطينية أمر وجب علينا جميعًا التحدث به وأن لا يمر مرور الكرام وأن تتحدث عنه الأجيال القادمة أيضًا مشهد المحارق التي حدثت للعزل النَّاس الآمنين المطمئنين في خيامهم بعد أن أخرجوهم من منازلهم قهرا وظلما وعدواناً ها هم لم يسلموا منهم مجددا فشبح الموت يحلق فوق رؤوسهم في تلك المنطقة السوداء من الأرض التي شهوتها يد الصهاينة بعد أن كانت شامخة بيضاء بعد أن كانت آمنة مطمئنة.
أيها الناس هم كانوا أناس مثلنا لهم أحلامهم وطموحاتهم وحياتهم وأطفالهم وزوجاتهم وعالمهم الجميل كانوا يرون المستقبل يذهب للأفضل ويرون الحياة جميلة ونحن الآن في هذا الزمان وفي عام ألفين وأربعة وعشرين تحدث هذه الانتهاكات في حرمة البشرية وفي حرمات أهالي تلك المناطق العزل في منازلهم وجامعاتهم ومدارسهم ومساجدهم وطرقاتهم فلم يبقَ شيء حيث إنه رحل كل شيء والعالم في صمت مطبق.
فوالله وتا الله لو أصاب ما أصيب به أهل فلسيطين شخص واحد منهم فقط سيقيمون الدنيا ويقعدونها والسؤال الذي يطرح نفسه هل دم العربي المسلم رخيص؟!
نحن نؤمن أن كل من مات استشهد وسيلحقه نعيم أبدي ولكن في الوقت ذاته نؤمن بحرقة القلوب وفظاعة المشاهد على أهل هؤلاء الناس الذين ارتقوا فمنهم الأطفال والشباب وكبار السن ومنهم من كان يحلم بالفرج وبحياة أفضل إننا في ألفين وأربعة وعشرين لا نزال هنا في عالم التطور والسرعة والذكاء الاصطناعي والطفرة المعلوماتية فكيف بنا أن نعود بالزمن إلى عالم لم تكن به هذه الحداثة وهل الحداثة هي مجرد شكل من الأشكال أما عن الظلم والقتل وتطاير الدماء والرؤوس المقطوعة والأجساد المحروقة هي متأصلة وموجودة مهما تغير الوعي والفكر والثقافة والتاريخ.
هل نحن دمى تحركها القوى البشرية؟ وهل نحن مصابون بداء الصمت؟ اسمع وانظر ولا تتكلم وهل نحن لسنا قادرين على التعبير عن مشاعرنا الحقيقية جراء ما يحدث من حروب وويلات ومآسٍ ودمار وفساد وهل نحن رضينا على أنفسنا أن نكون هكذا أم أننا ارتضينا الخيار الأسهل وبقينا في حالة خوف ولا مبالاة فنحن الآن منذ السابع من أكتوبر نرى ولكن لا نفعل شيئاً سوى أننا نرى فهل اعتدنا المشاهد وهل دماؤنا العربية أصبحت ماء وهل لا يهزنا مواقف إخواننا العرب الذين يموتون ويقتلون بطريقة وحشية بشعة.
إن الأطفال الذين يعيشون هناك، هُم مثل أطفالنا ومن حقهم أن يعيشوا حياة طبيعية كحياتنا ومن حقهم وحقوق آبائهم وأمهاتهم أن يخرجوا من تلك الأراضي وينزحوا إلى أماكن خالية من ذلك الرعب؛ حيث إنه لا يُعقل أن تغلق عليهم الأبواب ويحرقون ويقتلون ويمثل بأجسادهم ويدمرون معنويًا وماديًا وروحيًا ونفسيًا، فما تبقى فيهم من مشاعر تكاد تموت، وإن ماتت المشاعر تحوَّل الإنسان إلى وحش كاسر، فرفقًا بهم ونحن من هنا نناشد الحكومات أن تجد حلًا.
دع الحرب تنجلي وانقذ أرواح ما تبقى من البشر، فهم ليسوا دمى، وإنما بشر مثلنا ومن حقهم أن يعيشوا حياة طبيعية مثلنا؛ فالخوف حالة من البؤس لا نتمنى أن تطول.
انقذوا فلسطين.. ففلسطين تُباد!