إلى متى السكوت والشعب الفلسطيني يُذبح؟

 

 

حمد الناصري

 

مع مرور أكثر من 200 يوم على بدء العُدوان الهمجي الصهيوني على غزة وأهلها أبطالًا صامدين .. ونتساءل ماذا فعلنا كعرب وكمسلمين لغزة وهل قدّمْنا كُل ما نستطيع.؟!

بداية ومُنذ اغتصاب فلسطين من قبل الصهاينة وقبْلها بوعد بلفور وبعدها من حروب مرّ بها شعبنا العربي الفلسطيني بمآسي وقتل وتشريد مُمنهجة من قبل عصابات الآرغون والهاغانا والشتيرن الارهابية الصهيونية والتي أدخلها الانكليز بعد احتلالهم لفلسطين وعاثت تلك العصابات قتلًا وتدميرًا في أرض فلسطين حتى أنّ الغرب كُله أطلق عليها عصابات إرْهابية ، قبل مئة سنة واكثر.

حينها كانت كل الدول العربية مُحتلة من قبل الاستعمار الانجليزي والفرنسي والايطالي ورغم ذلك هبّت الجيوش العربية عام 1948 لنجدة فلسطين وأهلها وقاتلت الجيوش الصهيونية المدعومة من بريطانيا بكل بسالة وشجاعة وقدموا ٱلاف الشُهداء ولا تزال مقابرهم شواهد على التضحيات العربية من أجل فلسطين وبالرغم من ذلك فقد صدرت قرارات أُممية بتقسيم فلسطين بين اليهود والعرب عام 1948.

ولم تهدأ المُقاومة الفلسطينية ولم يتوقف الدّعم العربي طوال الفترة من 1948 وإلى حرب اكتوبر 1973؛ حيث كانت فرصة ذهبية للقضاء على ذلك الكيان الدّخيل لكن تدخّل الدول الكبرى والخيانات في بعض القيادات العربية أوقفت الحرب وبادر بعض القادة العرب لتوقيع مُعاهدات مع اسرائيل أعادت بموجبها سيناء الى مصر وبعض الاراضي إلى الاردن ومنحت الفلسطينيين حُكم شِبه أو ذات سيطرة اسرائيلية.

واستمرّ الدعم العربي من خلال إنْشاء مُنظمة الاونروا وهي منظمة أممية لغوث ومُساعدة اللاجئين الفلسطينيين اللذين طُردوا من أرضهم وبُيوتهم وفي تلك المُدة ، كان العرب هُم من يدعم فلسطينيي الداخل بالمال والخدمات وحملات الاعمار وخصوصًا دول الجزيرة العربية في حين كانت تركيا الاتاتوركية أوّل من اعترف بدولة اسرائيل وفتحت سفارة لها في تركيا وكذلك إيران الشاهنشاهية أو البهلوية ، فكانت إيران من أوائل الدول الإقليمية التي اعترفت بإسرائيل بعد أحداث حرب 1948 واغتصاب نصف أرض فلسطين بالقوة الغاشمة أو ما يُعرف بولادة إسرائيل وقد تحسّنت علاقات البلدين بعد عودة محمد رضا بهلوي لحكم إيران في 1953.

ولا ريْب فإنّ صِراعًا مُعلنًا قد تطوّر بين البلدين عقب أحداث الثورة الإيرانية في 1979 فقطعت العلاقات بين الطريفين تدريجيًا.

ولو تطرّقنا لأدوار الدولة الإسلامية في إيران ، فبعد الثورة الايرانية وخلال الحرب العراقية الايرانية في ثمانينيات القرن الماضي أعلنت إيران قطع علاقتها مع اسرائيل وأعلنت تأسيس فيلق أو جيش أسْمته فيلق القُدس لغرض تحرير فلسطين من الاحتلال الصهيوني ورغم ذلك فإنّ ذلك الفيلق ومُنذ تأسيسه قبل 43 عاما لم يخض معركة واحدة ولم يطلق رصاصة واحدة تجاه اسرائيل!

وبعد عام 2007 تشكّل ما يُعرف بمحور المُقاومة على أنه تحالفٌ مُعادي لإسرائيل تتزعمه إيران ويتألّف من سُوريا والعراق واليمن وحزب الله في لبنان وداعم للقضية الفلسطينية من خلال دعم حركة "حماس". وهو مِحور ذو طابع عسكري مُناهض للغرب وسياساته ومُعْلِنًا احتكار القضية الفلسطينية ومُقاومة العُدوان الصهيوني ضِمن ذلك المحور رغم أنّ ذلك المحور لم يُقدّم شيئًا ملموسًا لفلسطين وأهلها ومُكتفيًا بالدعم الاعلامي فقط وخصوصًا بعد بدء معركة طوفان الاقصى.

 

ونأتي إلى الموقف التركي الذي طالما تبنّى إعلاميًا وسياسيًا وأحيانًا اقتصاديًا القضية الفلسطينية ولكن ومُنذ بدء معركة طوفان الاقصى انكمش ذلك الدور وأصْبح بلا تأثير تقريبًا.

أمّا عالميًا فلا يُمكن لنا إلا الاشادة والتقدير بموقف الشعوب الاوربية والامريكية وموقف دول افريقية وآسيوية الحكومي والشعبي وخصوصًا المُظاهرات المُستمرة والمُنددة بالإبادة الصهيونية للشعب الفلسطيني ورغم كل التعتيم والقمع الاعلامي الحكومي من دول الغرب تحديدًا وامريكا خصوصًا وما يحدث من قمع وإرهاب لم يسبق له مثيل للمُحتجين من الطلاب والهيئات التدريسية في حرم الجامعات الامريكية والاوربية.

إنّ ما يحدث اليوم في غزة من إبادة بشرية لشعب بأكمله على أثر طوفان الأقصى يُشكل صدمة كبيرة للشعوب ولعالم طالما تشدّق بحقوق الانسان ولكنه يتجاهل تلك الابادة بسبب المواقف الضعيفة والمُتخاذلة للعرب والمُسلمين كون القضية تخصّهم دينيًا وشعبيًا وتأريخيًا وحتى سياسيًا.

إنّ الشعب الفلسطيني جُزء مِن أمّتنا العربية ولطالما كانت فلسطين وطنهم لآلاف السنين ناهيك عن أهميتها بعد الاسلام كونها تضم أولى القِبْلتين وثالث الحرمين والمسجد الاقصى مسْرى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم.

 

خلاصة القول.. إنّ معركة طوفان الأقصى ليست معركة وقتية؛ بل هي امتداد لحروب العرب ضِد الكيان المُحتل الغاصِب لفلسطين وهي معركتنا العربية والإسلامية ، وفلسطين لا تزال قضيتنا العربية الاولى وهي قضية مصيرية إسلامية وفي المحافل الدولية سياسيًا واعلاميًا.. وهي قضية شُرفاء الإنسانية ولِمن له قلب نقيّ وداعمٌ للحق وله ضمير حيّ ناصِرٌ للمظلوم في كل مكان.؛

والدّعم العربي لا يزال قائمًا ولم يتوقّف من خلال الاونروا أو من خلال إيصال المُساعدات بشكل مُباشر، أو غير مُباشر ورغم ذلك ، فإنّ ما تُقدّمه بعيدًا جدًا عن الايفاء بواجبها التأريخي والديني والقومي تجاه فلسطين وأهلها الابطال.

والمُقاومة الفلسطينية ليست مُجرّد حِراك سياسي وعسكري مُقاوم للاحتلال الغاصب بل هي حقّ مشروع كفلته كل القوانين السماوية والوضعية والأُممية وأنّ ما ترتكبه اسرائيل من جرائم وحشية بحق المدنيين والاطفال في فلسطين تُعدّ جرائم ضِد البشرية ويجب إيقافها فورًا ومُحاسبة القادة الاسرائيليين والقصاص منهم.

أمّا أمة المليار ونصف المليار مُسلم وعربي فأقول لهم لقد بلغ السّيْل الزُبى، فمتى ستهبّون لِنُصرة إخوانكم في غزة وفلسطين؟ ومتى ستذكرون الله والتأريخ يُسجل مواقفكم وستقفون أمام عدالة ربّكم وستُسألون يومئذ، ولْتعتبروا يا أولي الالباب، فما تخشونه من الصّهاينة قادم إليكم لا محالة.

تعليق عبر الفيس بوك