من هُنا وهُناك..!

 

 

د. مُحمَّد بن خلفان العاصمي

 

مسندم ترتدي حلَّة العيد

لأول مرة في التاريخ، سوف يُقام نهائي كأس مولانا جلالة السلطان المعظم في محافظة مسندم، بوابة سلطنة عُمان الشمالية، ونافذتها المُطلَّة على مضيق هرمز؛ ذاكَ الشُّريان الذي يربط بحر عُمان بالخليج العربي، والمَنْفَذ الذي يُغذِّي الخليجَ والعراق والشام بالموارد من الجهة الآسيوية.

هذا الجزءُ الغالي من وطننا العزيز الشامخ كشموخ جباله الراسيات النائمة في حُضن البحر الهادئ، اختاره جلالة السلطان المعظم -أعزه الله- ليكون جزءًا من تاريخ هذه المسابقة العريقة، التي شارفتْ على انتصاف عَقْدِها الخامس، في إشارة واضحة لأهمية مسندم المحافظة، وأهمية كل شبر من أرض الوطن العزيز، وتُمثِّل هذه اللفتة الكريمة من لدن جلالته تكريمًا لكل شباب مسندم ورياضيها، ودعوة لهم لأخذ زمام المبادرة وإبراز طاقاتهم لإخراج هذا الكرنفال الوطني كما يليق بهذه المناسبة الغالية على كل قلب رياضي عُماني.

والدور على جماهير ظفار والنهضة، ليزحفوا نحو خصب، وملء مُجمعها الرياضي، ورسم صورة زاهية لنهائي خالد سوف يُسطِّر الفائز فيه اسمَه في سجلات التاريخ، كأول من يحلق بكأس جلالة السلطان من فوق نقطة بداية سلسلة جبال الحجر الشرقي.. فهل تكون المحطة في سمحان أم في حفيت؟!

 

بصمة في البرلمان العربي

جاءتْ كَلِمتَا سلطنة عُمان، واللتان ألقى إحداهما سعادة خالد بن هلال المعولي رئيس مجلس الشورى العماني، والثانية للمكرم سالم بن مسلم قطن نائب رئيس مجلس الدولة، خلال المؤتمر السنوي السادس للبرلمان العربي ورؤساء المجالس والبرلمانات العربية، والذي عُقِد بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالقاهرة، استمرارًا لمواقف سلطنة عمان المُشرِّفة من القضية الفلسطينية.

هذه الكلمات هي امتدادٌ لالتزام سلطنة عُمان بمبادئها التي ما فتِئت تُؤكِّدها في كلِّ محفل عربي أو دولي، حول أحقية الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره والدعوة المستمرة لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة والالتزام بالشرعية الدولية، وقد شدَّد كلٌّ من رئيس مجلس الشورى ونائب رئيس مجلس الدولة على أنَّ سلطنة عُمان سوف تُوَاصِل جهودها حتى تجد هذه القضية طريقها للحل، داعين المجتمع الدولي إلى أنْ يتحمَّلَ مسؤولياته تجاه شعب فلسطين الذي يتعرَّض للإبادة الجماعية والاضطهاد والتقتيل على الآلة العسكرية الصهيونية.

... إنَّ هاتيْن الكلمتيْن جاءتا في توقيت مُهم؛ حيث شهدت الفترة الماضية فتورًا سياسيًّا في تناول القضية الفلسطينية، ومحاولة لتهميش ما يُرتكب من جرائم في قطاع غزة، وتغيبه إعلاميًّا؛ مما يعني سُهولة تنفيذ دولة الاحتلال جرائمها الشنيعة دون حسيب أو رقيب، وهو الأمر الذي ترغب -كعادتها- في تنفيذ جرائمها طوال تاريخها الأسود والدموي.

 

الديمقراطية الغربية

لا يُوجد كثيرٌ من الحديث حول الديمقراطية الغربية بعدما شاهد العالم أجمع ما حدث في المظاهرات الطلابية في الجامعات الأمريكية التي تدعم الشعب الفلسطيني، وكيف تعاملت قوى الأمن مع المتظاهرين بكلِّ قسوة ووحشية.

هذا الحَدَث يَضَعْنا أمام حقيقة واضحة، وهي أنَّ كثيرًا من المفاهيم السياسية والاجتماعية نسبية وقابلة للتأويل والتأطير بحسب ما تقتضيه المصلحة العليا لأصحاب السُّلطة وملاك القرار، وأن الديمقراطية ما هي إلا أداة استُخدِمت لتمرير أجندة خاصة عبر التاريخ.

لقد شاهدَ العالم سُلطة الصهاينة، وقُدرتهم على التأثير، وقوتهم في الظلم وممارسة العنف أمام العالم دون أي اعتبار أو خوف من نظرة العالم لهم، بل إنَّهم لم يعودوا يكترثون لكل ما يُقال ويُردَّد، ولا يلقون بالًا لأيٍّ من المنظمات الدولية وقراراتها، لقد وصل الصهاينة إلى الحد الأقصى من العَبَث بأمن العالم ومبادئه الإنسانية وأعرافه التي تحكم العالم، ولم يعودوا يهتمون إلا بمخططاتهم، حتى لو أحرقوا العالم بأكمله.

هذه العنجهية والبربرية هي نقطة النهاية لهذا الكيان الغاصب بإذن الله، وهذا ما يُخبرنا به التاريخ؛ فالشعوب والحضارات البائدة انحدرتْ عندما وصلتْ لهذه النقطة، وكانت سببَ سقوطها وانتكاستها.. نسأل الله تعالى أن يكون ذلك قريبًا، وليس ذلك على الله بعزيزٍ.

تعليق عبر الفيس بوك