السعي نحو تفكيك "الأونروا"

 

محمد رامس الرواس

ما التهمة التي وجهتها دولة الكيان الإسرائيلي إلى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"؟ ولماذا تسعى الى تفكيكها وإخراجها من قطاع غزة؟ وما مدى صحة تهمة إسرائيل للأونروا بوجود تعاون بينها وبين المقاومة الفلسطينية؟

لا يختلف اثنان على أن "الأونروا" أضحت خلال أحداث غزة أحد شرايين الحياة ليبقي الكثيرين من السكان العزل أحياء عبر تمويلها لهم بالغذاء والدواء، هذا بجانب استقبالها للنازحين واللاجئين منذ بداية الحرب خاصة الأسر الفلسطينية بمدارسها ومكاتبها وفتحت لهم مخازنها ووضعت كافة إمكانياتها في خدمتهم، مما عرض موظفيها ومقارها للقصف من قبل الجيش الإسرائيلي برغم أنها تتمتع بحماية دولية وبصفة عمل قانونية كونها تابعة للأمم المتحدة، لكن الكيان الإسرائيلي لا يعرف للقانون سبيلا عند ارتكاب جرائمه الوحشية التي استباح فيه الدم الفلسطيني حتى ثبتت عليه بالدليل القاطع أم الجرائم الإبادة الجماعية فوصمه المجتمع الدولي بها.

لقد أثبتت الأونروا الوكالة الأممية الوحيدة والفريدة من نوعها المخصصة لمجموعة محددة من اللاجئين في مناطق محددة هدفها الرئيسي ووظيفتها دعم اللاجي الفلسطيني والتي تأسست عام 1949م من خلال قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة لأجل إغاثة وتشغيل لأجي فلسطين في القدس الشرقية، والضفة الغربية وقطاع غزة، ومخيمات الفلسطينيين بلبنان، وسوريا وقيامها بمساعدات إنسانية وحماية اللاجئين الى حين أن يتم التوصل لحل دائم لمحنتهم وأزمتهم، خمسة وسبعون عامًا وأعمال وكالة (الأونروا) لم تتوقف مدعومة من خمس عشرة دولة تتلقى منها تبرعات تطوعية وتقوم هذه الدول وغيرها من الدول والمنظمات الإنسانية بتمويلها بصفة دائمة ومستمرة، ولقد قدمت ( الأونروا) وشركاؤها في العمل ومنهم الهلال الأحمر الفلسطيني خدمات جليلة لمئات الآلاف من الفلسطينيين الذين استفادوا من خدماتها في مجالات الصحة، والتعليم، والإغاثة، والخدمات الاجتماعية والحماية، وتحسين المخيمات، وتقديم المساعدات والقروض التمويلية الصغيرة والطارئة على مدى عدة عقود من الزمن، واليوم يبلغ عدد موظفيها ما يقارب 32 ألف موظف يمدون اللاجئين الفلسطينيين بأحد شرايين الحياة التي يحتاجونها خاصة في مثل هذه الفترة العصيبة منهم عشرة الاف موظف بقطاع غزة يقدمون الغوث والعون لما لا يقل على مليوني فلسطيني، ولقد تم قتل 162 موظفًا من موظفيها خلال القصف الإسرائيلي على غزة خلال الـ200 يوم الماضية من العدوان الإسرائيلي على غزة.

إن استهداف الكيان الإسرائيلي للاونروا، إنما يأتي من أجل انهاء تواجدها في غزة تحديدا حتى يتم قطع المساعدات التي تقدمها للاجئين من غذءد ودواء، والاهم من ذلك هو سعي الكيان الصهيوني لنزع شرعية الوكالة وبالتالي نزع صفة "لاجئين" عن الشعب الفلسطيني وهو الهدف المتمم في مخططها لاستكمال اعمالها الاجرامية الحالية من اجل حصول مجاعة كبرى بقطاع غزة.

كانت هناك العديد من الدول الداعمة للأونروا قد استبقت الأحداث وأوقفت دعمها لوكالة (الأونروا) عندما سمعت السردية الإسرائيلية وجمدت ما يقارب 450 مليون دولار ومنها ألمانيا وأستراليا وكندا وفلندا والسويد واليابان والنرويج وغيرها في بداية الاتهامات الإسرائيلية الكاذبة، لكنها اليوم استأنفت دعمها بعد تعليقه عندما اتضح لها عدم صحة التهم الإسرائيلية، بينما لا تزال الولايات المتحدة معلقة دعمها بحجة أنها تريد تقدمًا ملموسًا قبل أن يتغير موقفها، لكن دولة قطر والعراق دعمتا الأونروا بمبلغ خمسين مليون دولار بصفة عاجلة.

إن ما تقوم به دولة الكيان الإسرائيلي من ممارسات غير مسؤولة إنما يأتي لإخفاء الحقائق الميدانية وما يجري في غزة، ومن ذلك منعها مفوض وكالة الأونروا فيليب لازاريني للمرة الثانية من دخول قطاع غزة، هذا بجانب الادعاءات والاتهامات غير الصحيحة بأن هناك ارتباط بين مجموعة من موظفي (الأونروا) وحركات المقاومة حماس وغيرها من حركات المقاومة، مما اضطر الأونروا الى إيقاف 12 من موظفيها وفتح تحقيق معهم للتأكد من صحة الادعاءات الإسرائيلية، لكن الحقيقة ظهرت من خلال تقرير لجنة مستقلة قادتها وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة كاترين كولونا بتكليف من الأمم المتحدة وتم رفعه للأمين العام اتضح فيه حيادية الأونروا، وأن ليس هناك أدلة واضحة على ما تدعيه إسرائيل من وجود تنسيق أو دعم أو مشاركة من موظفي (الأونروا) لحركات المقاومة.