مؤتمر ميونخ للأمن.. "البوتقة العالمية" لتشكيل السياسات الأمنية والعسكرية

 

الرؤية- سارة العبرية

في شهر فبراير من كل عام، يجتمع كبار السياسيين من قارات العالم في ميونيخ لحضور مؤتمر الأمن العالمي، والذي يُعد منصة دولية فريدة لمناقشة السياسات الأمنية؛ بحضور ممثلين عن حكومات مختلفة وقادة وخبراء في مجال الأمن.

ويتيح هذا المؤتمر الدولي الفرصة للمشاركين للتواصل بشكل رسمي وبشكل غير رسمي، لتبادل الآراء في غرف الاجتماعات وتعزيز التفاهم المتبادل ورسم خطوط حمراء وتبادل الأفكار لحل النزاعات.

وانطلق مؤتمر الأمن بميونخ في عام 1963، والذي كان يطلق عليه آنذاك بـ"اجتماع العلوم العسكرية الدولي"، وكان المؤسسان لهذا الاجتماع هما الناشر الألماني إيفالد فون كلايست أحد مؤيدي المقاومة ضد أدولف هتلر في "الرايخ الثالث"، والفيزيائي إدوارد تيلر الذي الذي ينحدر من أصول يهودية وأصبح واحدا من رواد صناعة القنبلة الهيدروجينية في الولايات المتحدة الأمريكية.

خلال العقود الأولى من عمر المؤتمر كان الحضور محدودا والمشاركون أقل، وكانت النقاشات تتركز حول السياسات الغربية ضمن الإطار الشامل لمواجهات الحرب الباردة.

وبعد انتهاء الحرب الباردة، سعى مؤسسو المؤتمر إلى توسيعه ليتجاوز الإطار الغربي الضيق، فأصبح أكثر انفتاحا على مشاركين من دول أوروبا الوسطى والشرقية وكذلك على آخرين من دول ما كان يعرف بالاتحاد السوفياتي. وكانت فلسفتهم حينئذ أن على المؤتمر، شأنه في ذلك شأن حلف شمال الأطلسي، أن يتخطى الإطار الضيق الذي رسمته الحرب الباردة، وأن يتوسع نحو أطراف أخرى إذا ما أريد له أن يأخذ مكانة ودورا أكبر على مستوى العالم.

واليوم ومع زيادة وتنوع اللاعبين المهيمنين على مستوى العالم واتساع دائرة التحديات، زاد عدد المشاركين خصوصا من القيادات السياسية والأمنية من القوى الصاعدة في الصين والبرازيل والهند، كما يشارك الآن عدد من القيادات العربية في ظل التطورات والتحديات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط.

"ميونيخ للأمن 2024"

ويحتفل مؤتمر الأمن هذا العام بالذكرى الستين لتأسيسه، والذي عقدت دورته الحالية ما بين 16 إلى 18 فبراير، وسيشارك فيه سياسيون وقادة أمنيون وعسكريون وخبراء رفيعو المستوى من جميع أنحاء العالم لمناقشة القضايا الأكثر إلحاحًا المتعلقة بالأمن الدولي.

وبحسب تقارير وكالة الأنباء الألمانية، سيحضر المستشار الألماني أولاف شولتس، ونائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس، ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، كما يتوقع أن يحضر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

كما أعلن رئيس المؤتمر كريستوف هويسغن أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش سيفتتح المؤتمر وأن من بين الحاضرين الآخرين وزير الخارجية الصيني وانغ يي، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين. وسيعقد وزراء خارجية دول مجموعة السبع اجتماعا على هامش المؤتمر.

ومن المقرر حضور رؤساء حكومات لبنان وقطر والعراق والكويت، بالإضافة إلى وزراء الخارجية من السعودية وسلطنة عُمان.

وبحسب المنظمين، "من المتوقع أن يحضر حوالي 50 رئيس دولة وحكومة وأكثر من 100 وزير، إلى جانب رؤساء العديد من المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني المهمة".

ويركز مؤتمر هذا العام على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فضلاً عن قضايا الهجرة وتغير المناخ والذكاء الاصطناعي، كما سيتناول المؤتمر موضوعات مهمة، مثل دور أوروبا في الأمن والدفاع، والرؤُى الجديدة للنظام العالمي، والتداعيات الأمنية لتغير المناخ والعديد من الأسئلة الأخرى.

وتبرز مشاركة السلطنة في مؤتمر ميونخ للأمن بتعزيز الحوار الدولي والسلم والاستقرار الإقليمي، إلى جانب تعزيز العلاقات الدولية ودورها الفعّال في تحقيق الأمن والسلام العالميين.

وعلى هامش أعمال مؤتمر ميونخ للأمن، التقى معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية مع كل من وزراء خارجية السعودية والكويت وجمهورية النمسا، ومع الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.

وتم خلال اللقاء تبادل وجهات النظر حول عدد من القضايا والتحديات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والعدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، وجهود تحقيق الأمن والسلام في المنطقة، بالإضافة إلى مسيرة مجلس التعاون والتشاور في عدد من مجالات العمل الخليجي المشترك.

تعليق عبر الفيس بوك