اللعبة والنوايا

 

وداد الإسطنبولي

 

لوهلة قصيرة، وبينما النفس حيرى في تخيُّر هذا العنوان، وتردد في انتقائه ليكون اختيارا جذابًا للأنظار؛ فكم يجذبنا تلألؤ النجوم وتناغم ألوان الورد، والعنوان بوابة الانفتاح لما هو آت من انسجام للموضوع وحبكة وترابط.

فكرة عبرت في خاطري الآن أن الإنسان الجميل يرى كل شيء جميلًا حوله، ويظن أن هذه الفطرة التي تربّى عليها كامنة طوال الوقت مع غير القريب والبعيد منهم .. وهذه الفطرة تعيّشك في بهجة تتعامل معها برخاء؛ لأنك ساكن وسالم؛ ولأنك أيضًا على زاوية تترك تلك المخاوف والتقلبات ولا يدنو أدنى تفكير منك أن هناك مَن يوقد على نار هادئة .. وينضج طبخه وهو في روقان، ويقدمه بكل هدوء ورَويّة، وتسر أنت لتتذوقه وتنعم به، وتشكره بحسن النوايا؛ لأنك تربيت على فطرة تتعرى عن خبايا النفوس المريضة، وتنسى كالسكارى مطمئن البال، مغمض العينين متأملًا للحقائق الزائفة. هذه التمثيلية اللعبة والنوايا، كلها تعبير عن حالة الرفض بدواخلنا للواقع من أجل ألا نصطدم بما لا نستطيع أن نُصدقه، متمثلة بضحكة تخفف عنَّا الألم أو كما قلت سابقًا بالفطرة التي تربيت عليها، حيث تعيش متحيرا في فك طلاسم المبدعين.

أسلحة وسبل لتزيل ذلك المخزون المرير في النفس، وللأسف العدسة المكبرة أظهرت ما لم تره أمُّ العين، وهذا انتقال صعب بين فكر ربما -ولا زلت أقول ربما- ينغرس في الطبقية التي لا يمكن الفكاك عنها، أو الالتواء بالأحاديث دون صدق، أوعدم تقديس الكلمة الصادقة، أو..أو إشارات ورمزيات ليست طافحة على السطر قد تصبغت بالغموض، وهذا حال الجريح الطري الضعيف الذي مهما كان مختبئًا في أعماقه تخلق منه قوة عظيمة، وإن كانت هذه القوة مزيفة ولكن في قرارة نفسه إنها الفرصة التي يجب توظيفها.

هل اللعبة والنوايا مستمرة بدوام المصالح والاحتياج؟

وهل سيبقى من ديدنه النقاء والصفاء مستمرا بما ينضح قلبه من نقاء؟

" لا ينضح إناء إلا بما فيه".