"لولا الحياء"

 

المعتصم البوسعيدي

تقام بطولة أمم آسيا 2023 في عام 2024 على أرض دوحة الخير، عاصمة الرياضة العالمية، والعالم يعيش أبشع صوره الإنسانية من خلال آلة الإجرام الصهيونية على أرض مهد الأنبياء أولى القبلتين وثالث الحرمين، وطبعًا لا علم فلسطين على شاشة القنوات الناقلة، ولا تعاطف يستوجب توحيد المطالب بوقف العدوان كما حدث مع أوكرانيا، لأنه قانون الغاب في حضرة قانون دولي مفصل لواحد دون آخر، والمعايير والقيم "في المشمش".

قطر قدمت كعادتها حفلًا يليق بها، وبعثت برسائل تضامن مع الحق الفلسطيني بطريقة أو بأخرى، وهو ما يمثلنا كعرب ومسلمين ويمثل أحرار العالم، كما وأن اللمسة العُمانية كانت حاضرة برقي كلمات المبدع وسفير الكلمة والإبداع العُماني الإعلامي والشاعر حميد البلوشي، الذي صاغ ملالاة الأرض الفلسطينية. ثم إن إعطاء كابتن العنابي قسم البطولة لكابتن المنتخب الفدائي شكل سابقة استثنائية تليق بالأحداث ومجرياتها.

ونأتي إلى "حياء" جرير ورثاء زوجه وقبضه للدموع الحارقات على قبرها، وما علاقته بأمم آسيا، ذلك الحياء الذي نستح أن نشجع أو نهتف لمنتخبنا، عدا أن نشاهد ونستمتع بالبطولة القارية، ولنا في غزة وفلسطين عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والنازحين، ومن يقطنون الخيام وزادهم الذي لا يكاد يسد الرمق، هذا إذا وجدوا الزاد أو بضعاً منه، وصحيح أن الحياة لا تتوقف، لكنه الجسد الذي يتداعى لنا بالسهر والحمى.

بدأ منتخبنا الوطني البطولة وسط تفاؤل كبير بعد معسكره الإعدادي قبيل البطولة، وعبر مسؤولي الاتحاد العُماني لكرة القدم في تصريحاتهم عن حجم التفاؤل بأبعد نقطة يمكن الوصول إليها وبسبقِ حصانٍ عربي أسود، لكن بعد مباراتين "عادت حليمة لعادتها القديمة" وتعثرت خطوات حصاننا، ومات الحلم في مهده، ووقف جرير يردد "وَلَقَد نَظَرتُ وَما تَمَتُّعُ نَظرَةٍ // في اللَحدِ حَيثُ تَمَكَّنَ المِحفارُ" وسقط الحياء الذي لولاه لرددنا الحسرات وسكبنا العبرات.

لا زلنا نعيش "غوغائية" الماضي؛ شيخٌ يحاول سرقة الأضواء بتصريحاته، وتينٌ لا يُمس، وتجييش الرأي الأوحد، ثم الحصول على "خفي حنين" والمباهاة بهما يوم الناس حفاة، ومجالس "ردح" وغمز ولمز يرفع عن الشيب الحياء ولا يبقيه "وإن لم تستح فافعل ما شئت" ونحن هنا -حاشا لله-أن نكون الفرزدق مع جرير؛ حيث عيب منتخبنا صار على الملأ وفي كل لسان "أَفَأُمَّ حَزرَةَ يا فَرَزدَقُ عِبتُم // غَضِبَ المَليكُ عَلَيكُمُ القَهّارُ".

"لَولا الحَياءُ" يا منتخبنا؛ لقلنا ما لا يقال، لكننا سنكتفي بالقول: كفى عبثًا واستهتارًا بالنقد بحجج واهية وبلا حياء من مسقط وزغرب وحتى الدوحة، "وارحموا عزيزَ قومٍ ذل" وكونوا عند الرحيل، كما قال جرير وهو يلقي نظرة الوداع الأبدي لمن عاش تحت ظلالها "وَلَقَد أَراكِ كُسيتِ أَجمَلَ مَنظَرٍ // وَمَعَ الجَمالِ سَكينَةٌ وَوَقارُ".