شُعلة المعرفة

 

مدرين المكتومية

بعد الرعاية السامية من لدن حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظم- حفظه الله ورعاه- لحفل وضع حجر الأساس لمجمع عُمان الثقافي، يمكن القول إن شعلة المعرفة المستقبلية قد أضاءت في عُمان، مُستمدةً طاقتها من هذه الرعاية السامية، لتشع ضياءً فكريًا ومعرفيًا يمتد عبر آفاق المستقبل الواعد لوطننا الحبيب، تحت القيادة المُستنيرة لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه.

شاهدنا ذلك الاحتفال وما تضمنه من عروض مرئية لمكوّنات هذا المشروع الثقافي الكبير، وكم كانت الفرحة حاضرة دائمًا، ونحن نرى جلالة السلطان يناقش المسؤولين عن المشروع، لتصدر التوجيهات بتطوير هذا الجانب، أو تسريع وتيرة المشروع، أو إسداء الرأي في شأن يخص المشروع، من منطلق الرؤية السديدة لجلالته أعزه الله.

اللافت في هذا المشروع، أنَّه يقع في قلب العاصمة مسقط، في منطقة حديثة نسبيًا، في مرتفعات المطار، لتكون جزءًا مما يُمكن أن أُطلق عليه "مسقط الجديدة"، التي تبدأ من مدينة العرفان ومرتفعات المطار وستمتد بإذن الله تعالى حتى مدينة السلطان هيثم، لتكون هي الامتداد الطبيعي لمحافظة مسقط نحو الداخل. ووجود المشروع في هذا الموقع الاستراتيجي، يؤكد الرؤية الاستشرافية لهذا المجمع، ليكون مركز إشعاع ثقافي وفكري ومعرفي، يُرسل ضياءه لربوع عُمان، مُنطلِقًا من العاصمة مسقط.

وعندما نتأمل محتويات المجمع، نجد أنه عبارة عن منظومة ثقافية متكاملة، إذ يضم 3 مبانٍ هي: المسرح الوطني والمكتبة الوطنية وهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، علاوة على 8 مبانٍ أخرى تشتمل على مرافق المشروع، منها دار الفنون والمنتدى الأدبي ومكتبة الأطفال ودار السينما وقاعات للفنون التشكيلية، ولا ننسى الجانب الخدمي مثل المطاعم والمقاهي، وكذلك وجود حديقة عامة لزوار المجمع، ولتكون متنفسًا لمن يريد الاستمتاع بالطبيعة الساحرة التي ستحف ذلك المشروع.

المشروع يؤكد أن عُمان ماضية في نهضتها المتجددة في شتى المجالات، ترجمة لمستهدفات رؤية "عُمان 2040"، والتي يعتقد البعض أنها رؤية اقتصادية وحسب، لكنها في حقيقة الأمر رؤية تنموية شاملة، تستهدف الارتقاء بالإنسان العماني والتقدم بعمان في مختلف القطاعات ومجالات العمل، سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية أو رياضية. والمُلاحظ في تنفيذ هذه المستهدفات، أنها تتدرج من قطاع لقطاع، فقد كانت انطلاقة الرؤية المستقبلية في القطاع الاقتصادي، من منطلق أن ضبط الأمور المالية والاقتصادية سيكون وقود التحرك نحو المستقبل، ومن ثم الانتقال إلى الجوانب الاجتماعية والتي تمثلت بلا شك في تدشين منظومة الحماية الاجتماعية وبدء صرف منفعة الحماية الاجتماعية، والآن نحن أمام جهود حثيثة للارتقاء بالمشهد الثقافي والفكري، بالتوازي مع جهود التطوير في شتى المجالات.

إن مجمع عُمان الثقافي مشروع للمُستقبل، وسيُساعد على النهوض بالعمل الثقافي والأدبي، والارتقاء بمختلف الأنشطة ذات الصلة، ودعم جهود مختلف المؤسسات لتنفيذ الاستراتيجية الثقافية لخدمة المجتمع، ما يؤكد أننا أمام نهضة ثقافية مُنتظرة، ستستفيد منها الأجيال المقبلة، كي تواصل عُمان مسيرة النماء والازدهار.