◄ هناك صهاينة يتحدثون في وسائل الإعلام بهدف إظهار العالم العربي بمظهر المشتت الذي لا يعرف الوحدة السياسية ولا الثقافية
د. مجدي العفيفي
عندما قيل لفتاة جميلة كيف تزوجت رجلا قصير القامة، قالت: صحيح إنه قصير، ولكنكم لم تروه عندما يقف فوق فلوسه، كم يكون طويلا جدًا، وكذلك إسرائيل وهي تقف فوق بنوك أمريكا وأوروبا والبورصة.
أقول ذلك وقد لفت نظري بقوة، وبشكل مقيت، ومثير للغضب اللفظي والموضوعي، أنه ظهر منذ فترة مجموعة من أفراد الكيان الصهيوني، على أسطح فضائيات ومواقع إلكترونية عربية، يتحدثون بلسان صهيوني بغيض، أراقبهم وأرقبهم، والنفس تتميز من الغيظ من هذه الوسائل، التي تفسح لهم الطريق المجاني، تعبيراتهم متقاربة، أفكارهم مصدرها واحد ووحيد، لغتهم تنتظمها أسلوبية واحدة ماكرة، يتحدثون باللغة العربية التي يلوثونها بألسنتهم ويزعمون أنهم يجيدونها أكثر من أهلها.
***
يدور خطابهم الإعلامي السياسي حول نقطة محورية، ذات تفريعات مثيرة للغثيان، من قبيل: إظهار العالم العربي بمظهر المشتت، لا يعرف الوحدة السياسية ولا الثقافية، وأن هناك حكامًا يهرولون إلي الزعيم «نتن ياهو» بأكثر مما يحلم به الصهاينة منذ سبعين عاما أو يزيد!
وعن عمد لا يذكرون الأسماء، لإثارة الفتنة بالتكهنات، وهذا شأنهم ودأبهم! يذكرون أن «شعوبًا عربية» تطالبهم بأن يحتل الصهاينة أراضيهم ودولهم رحمة بهم من الأنظمة العربية؛ فالعرب ممزقون، خائنون، ظاهرة صوتية، مششتون، يكرهون بعضهم البعض، يقتلون أنفسهم بأنفسهم.. و..و.. إلى آخر هذه القائمة التي يسوقها هؤلاء الصهاينة الحاقدون، ويروجون لها هنا وهناك!!.
وانظر إلى قمة الفُجر الصهيوني وهم يصورن أن وسائل الإعلام العربية، هي التي تلهث وراءهم، ويزعمون أنهم «باحثون إسرائيلون» وما هم بباحثين، ولا يمتون الى البحث العلمي بأدنى صلة، أسماؤهم وهمية ومستعارة، وهذا هو دأب أحفاد «صهيون» و«هرتزل» والذين لا حول ولا قوة لهم إلا البيت الأمريكي الأبيض الذي يركبون على كتفه !.
***
يظهرون فجأة ويختفون فجأة، أسماء بعينها، وأشخاص محددون، وجوههم مزيفة، نواصيهم كاذبة خاطئة، يزعمون أنهم يتحدون أي سياسي وأي باحث عربي، أن يصمد أمام ما يطرحونه من حجج، مع أن حججهم أوهن من بيت العنكبوت، لكنهم لا يعقلون، لا يملكون إلا كلمة «لا فلسطين» و«نحن أهل أورشليم الأصليون».
ينطلقون سياسيًا وثقافيًا من تفسيراتهم المثيرة للسخرية، مما يسمونه التوراة، زيفًا وبهتانًا (سياستهم توراتهم) كل تحركاتهم المخفية والمعلنة تحكمها النصوص التي وضعوها باسم توراتهم، يرون في استراتيجتهم العالم العربى من منظور مغاير، طبقًا لكتاب «إسرائيل وحركة تحرير جنوب السودان» الذى أصدره فى عام 2003 ما يسمى «مركز ديان لأبحاث الشرق الأوسط وأفريقيا التابع لجامعة تل أبيب» ذكر مؤلفه العسكري موشى فرجى: «إن الاستراتيجية الصهيونية إزاء المنطقة العربية انطلقت من رفض فكرة انتماء المنطقة إلى وحدة ثقافية وحضارية واحدة، والتعامل معها باعتبارها خليطا متنوعا من الثقافات والتعدد اللغوى والديني والإثنى.إذ اعتادت على تصويرها، على أنها فسيفساء تضم بين ظهرانيها شبكة معقدة من أشكال التعدد اللغوي والديني والقومي ما بين عرب، وفرس، وأتراك، وأرمن، وأكراد، وبهائيين، ودروز، ويهود، وبروتستانت، وكاثوليك، وعلويين، وصابئة، وشيعة، وسنة، وموارنة، وشركس، وتركمان، وآشوريين» وأن «المنطقة العربية ما هي إلا مجموعة أقليات، ولا يوجد تاريخ موحد يجمعها».
***
ومن ثم يصبح التاريخ الحقيقي تاريخ كل أقلية على حدة. والغاية من ذلك، في منظور الكاتب «فهمي هويدي» تحقيق هدفين أساسيين هما:
الهدف الأول.. رفض مفهوم القومية العربية والدعوة إلى الوحدة العربية، واعتبار القومية العربية، فكرة يحيطها الغموض، وغير ذات موضوع.
الهدف الثانى.. تبرير شرعية الوجود الصهيونى في المنطقة، إذ ما دامت تضم خليطاً من القوميات والشعوب والقوميات التي لا سبيل لقيام وحدة بينها، فمن الطبيعي أن تكون لكل قومية دولتها الخاصة، وهو ما يضفي شرعية على وجود إسرائيل، باعتبارها إحدى الدول القومية في المنطقة».
***
وفى مؤلفه «صوت إسرائيل» يعترض الإرهابي المجرم أبا إيبان «وزير الخارجية الأسبق» على فكرة أن الشرق الأوسط يمثل وحدة ثقافية، وذكر أن العرب عاشوا دائمًا فى فرقة عن بعضهم، وأن فترات الوحدة القصيرة، كانت تتم بقوة السلاح، ومن ثم فإن التجزئة السياسية لم يحدثها الاستعمار(!) لأن الروابط الثقافية التى تجمع البلاد العربية لا يمكن أن تضع الأساس للوحدة السياسية والتنظيمية.
***
ونفس الفكرة هي التي قننها رئيس جمعية حقوق الإنسان في الكيان «إسرائيل شاحاك» في ثلاثة أمور:
أولها.. مخططات التقسيم يتبناها ويروج لها اليمين الصهيوني والأمريكي.
ثانيها.. أن تفتيت العالم العربي تم بفعل عوامل داخلية نابعة من هشاشة المجتمعات العربية، وليس من التدخلات الأجنبية.
ثالثها.. أن انفراط عقد العالم العربي، ليس سببه الربيع العربي، كما يروج البعض؛ لأنَّ ذلك الربيع كان ثورة من جانب الجماهير العربية على تدهور الأوضاع في بلادها.
***
أرأيتم.. ما يقوم به هؤلاء المتحدثون الصهاينة من حملات مستغلين أسوأ استغلال، ضعف النزعة القومية لدى الوسائل التي تفتح لهم أبوابها لينتشروا منها كالذباب؟
***
إلى اللقاء مع رشقة صاروخية قادمة.