مطرح.. جارة الشاطئ

 

ناصر بن سلطان العموري

abusultan73@gmail.com

 

بداية نقدم الاعتذار لتاريخ أمير الشعراء أحمد شوقي، على الاقتباس الجزئي لعنوان المقال من قصيدته الرائعة "يا جارة الوادي"، والتي تحولت فيما بعد لأغنية، كما صدرت رواية رائعة بنفس العنوان للدكتور محمود ماهر، المتخصص في تاريخ الأندلس؛ حيث تناولت روايته مرحلة ضعف الدولة الإسلامية في الأندلس (أسبانيا حاليًا)، وكيف تحولت لطوائف اختلف حكامها بعضهم مع بعض في حب الجاه والمُلك ونسوا الحفاظ على الدين والوحدة الإسلامية، وبهذا اختفت أعظم مملكة إسلامية ظهرت في أوروبا بعد 781 سنة على تأسيسها.

وأعود إلى موضوع المقال.. من منَّا لا يعرف ولاية مطرح الجميلة وشارع الكورنيش المتاخم للشاطئ وسوقها الأثري البديع "سوق مطرح" العريق، الذي يقصده القاصي والداني، ويمثل قِبلة السياح على مدار العام؛ سواء للسياحة الداخلية أو الخارجية، وقد استبشر الجميع خيرًا حينما أُسندت مناقصة لتطوير سوق مطرح وتجميله، ولكن للأسف الشديد هناك ملاحظات شديدة الأهمية لم تدخل في نطاق التطوير، ألا وهي الحماية من مخاطر الأنواء المناخية والفيضانات والسيول والتي لا تعرف سوى مسار واحد باتجاه البحر مرورًا بالمحلات التجارية، ومهما بلغت عملية التجميل التي سوف تشمل السوق دون الوقاية من مخاطر الفيضانات، فكأنك لم تجد الحلول من الأساس.

وهناك عنصر مُهم آخر، يفتقد له سوق مطرح؛ وهو توفير مواقف السيارات؛ بما يتناسب مع العدد الكبير من المتسوقين، خصوصًا قُبيل مناسبات الأعياد؛ فالمواقف بالشكل الحالي لا تكفي؛ بل وتزيد من الاختناق المروري، فلِما لا يتم إنشاء مواقف متعددة الطوابق، بهدف حل مشكلة مواقف السيارات، لا سيما مع وجود مبنى غير مستغل منذ أمد، ولو جرت إعادة تأهيله بالشكل الأمثل لأسهمنا في حل مشكلة المواقف، علاوة على إنشاء مواقف إضافية متعددة الطوابق للقادمين من جهة الشاطئ، وهناك مساحات مناسبة لذلك مثل تلك التي بجانب مسجد المنذري.

ومع عملية التطوير لا بُد من تأهيل الطريق البحري الممتد من دوار حارة الشمال (دوار السمكة) إلى دوار ريام، ويجب أن تكون هناك مواقف التنزيل السريع المخصصة للحافلات الكبيرة التي تنقل السياح، كما يجب تشجيع أصحاب المهن التقليدية التي لطالما اشتهر بها سوق مطرح وخصوصًا الباعة المتجولين، وذلك من خلال بناء أكشاك ومقاهٍ مستوحاة من البيئة العمانية على الجانب المطل للطريق البحري، ولا ننسى أيضًا ربط ذلك بمشروع قلعة مطرح، الذي بات يستقطب الكثير من الزوار دون وجود مواقف مُخصصة، بينما تعاني الحارات المجاورة للقلعة نتيجة الازدحام وعدم التنظيم الناتج عن زيادة أعداد زوار القلعة، إضافة إلى زوار السوق.

كما يجب ألا نغفل عن أمور تجميلية تدخل في إطار التنظيم يحتاج لها كل معلم سياحي بارز مثل توفير خدمة (Wi-Fi) مجانًا لمُرتادي المكان، وهذا شيء بديهي ونحن في عصر التقنية، وكذلك ضرورة تشديد الرقابة على المتسولين من قبل الجهات المعنية، وتعميم استخدام جميع المحال التجارية لأجهزة الدفع الإلكتروني، ولما لا يكون السوق صالح للتسوق في جميع فصول السنة من خلال إنشاء تكييف مركزي داخلي خصوصًا في الأماكن المغلقة وذلك على غرار بعض الأسواق الخليجية.

نحن هنا نتكلم عن معلم سياحي بارز يمثل السلطنة بشكل عام وولاية مطرح خاصةً، لا سيما وأنه يجاور مشروع ميدان مطرح الفائز بجائزة بلعرب بن هيثم للتصميم المعماري لدروته الأولى والمزمع إنشاؤه قريبا والذي من المنتظر أن يكون أيقونةً هندسية ولبِنة سياحية تُبهر الزوار.

كلنا أمل في أن تكون هناك أولوية لحماية السوق من السيول والفيضانات التي تسببت فيما سبق بأضرار مادية كبيرة على تجار السوق نقترح هنا إيجاد آلية لاستحداث مسار لمياه الأمطار تحت أرضية السوق يصب مباشرة في البحر عوضًا عن الوضع الحالي وعمل صيانة وتنظيف لقعر السدود من الطمي المتراكم فيها على مدار السنوات الماضية.. كل هذا بشرط ألا يمس تجميل وتطوير سوق مطرح أصالته وتراثه التليد ولا التغيير في هويته التي تميز بها منذ القدم..

نتمنى جل التمني أن تأخذ الجهات المعنية ما يرد من ملاحظات تطويرية لسوق مطرح قيد الاهتمام والدراسة، وأن نرى سوق مطرح مزارًا عالميًا وأيقونة سياحية عمُانية مُتميزة.