رسالة إلى الاحتلال الإسرائيلي

 

 

جابر حسين العماني

jaber.alomani14@gmail.com

 

أصبحت الشعوب العربية والإسلامية على قدر عالٍ من الوعي والإدراك، لما يحاك لها ولمقدساتها من الظلم والجور والاستبداد، وهي قادرة بإيمان وقوة وشجاعة أبنائها الأحرار على وضع الحدود المناسبة للهمجية الصهيونية والغربية، التي لا زالت تستنزف دماء الأبرياء من النساء والأطفال في غزة وفلسطين.

إسرائيل اليوم ليست كما رُوِّجَ لها سابقًا، فهي لا تقوى على فرض هيمنتها على شعوب منطقتنا العربية والإسلامية، فهي أهون من بيت العنكبوت، وعهد هيمنتها وسيطرتها على الشعوب العربية والإسلامية وفرض الرأي عليها قد ولى بلا رجعة، ذلك أن الشعوب العربية والإسلامية أصبحت تمتلك المقاومة الشريفة التي فرضت وجودها وشجاعتها للدفاع عن المقدسات الإسلامية.

وتسارع الأحداث العالمية تجاه حرب غزة الأبية كشف للعالم أجمع أن إسرائيل ليست هي القوة التي لا تقهر، فتلك أكذوبة إعلامية مارسها وروجها الإعلام الغربي، وسرعان ما بددها المقاومون الأحرار في غزة والعراق ولبنان واليمن، بل وكل أحرار العالم، فكان المجاهدون ولا زالوا هم الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، قهروا بصمودهم وإيمانهم وشجاعتهم وبسالتهم أنواع الذل والهوان والخنوع للمستكبرين والمتغطرسين من الصهاينة والمتصهينين.

لقد أصبحت القوة الإسرائيلية التي لا تُقهر، حالها حال سفينة تايتنك، التي روج لها الإعلام الغربي على أنها لا تغرق ولكنها بقدرة الله تعالى وقوته غرقت، وكانت نهايتها في أول الصباح الباكر عند بزوغ شمس يوم الخامس عشر من أبريل عام 1912 في المحيط الأطلسي، وأمام أنظار العالم، وبعد أربعة أيام فقط من بداية رحلتها الأولى من ساوثهامپتون إلى مدينة نيويورك، وبذلك سقطت خرافة السفينة التي لا تغرق، فما أعظم الإيمان بالله والتوكل عليه في سحق الظلم والجور ونصرة القضايا الإسلامية أينما كانت قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ} [الحج: 38].

وما يقوم به المجاهدون اليوم تجاه القضية الفلسطينية العادلة من شجاعة واستبسال وإقدام، أثبت للعالم أجمع أن الكيان المغتصب ما هو إلّا أكاذيب وخرافات إعلامية صدقها العالم، وأن القوة الفعلية التي لا تقهر هي القوة الإيمانية التي سخرها الله تعالى للمجاهدين المناضلين الأحرار، والتي استمدوها من عمق قضيتهم العادلة، فأصبحوا بذلك لا يهابون الموت وسوح القتال، فكانت النتيجة الحاسمة والمباركة هي القضاء على فكرة الجيش العظيم الذي لا يُقهر، والذي أصبح اليوم أضحوكة للعالم أجمع، قال تعالى: ﴿وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾ [آل عمران: 126].

إنَّ مصير إسرائيل وأدواتها وقوتها المزعومة والمغشوشة باتت كأوراق متطايرة تذهب بها الريح حيثما تشاء، مما جعل قادتها يرتعدون خوفًا مما يشاهدونه من بطولات إيمانية ضارية وحاسمة، على أرض غزة وسمائها وأنفاقها، وكما قال رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مُصرحًا ومُعترفًا أمام العالم أجمع عن يوم انطلاق العملية الجهادية بأنه "سيبقى يومًا أسود في تاريخ الشعوب، والأفظع للشعب اليهودي منذ المحرقة النازية".

وهنا يجب على إسرائيل والقوى الغربية الداعمة للكيان الغاصب، أن تعلم أن أمة التوحيد هي الوحيدة التي تمتلك السلاح الأعظم الذي لا يقهر، وهو سلاح الإيمان بالله الواحد الأحد، ذلك السلاح المدوي الذي لا يمتلكه أحد إلا وظفر وانتصر، وسطر الانتصارات العظيمة والمتتالية، فلا داعي للتكابر وفرض القوة الإجرامية والوحشية على النساء والأطفال وكبار السن الذين لا ذنب لهم ولا حيلة، قال تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [المائدة: 82].

يقول الكاتب الإسرائيلي آري شبيت في مقال نشرته صحيفة هاآرتس العبرية: "يبدو أننا نواجه أصعب شعب عرفه التاريخ، ولا حل معهم سوى الاعتراف بحقوقهم وإنهاء الاحتلال"، هكذا هو منطق المثقف الإسرائيلي الذي بات يعلم جيدا أهمية النتائج المترتبة من الحرب على غزة، وهي أن إسرائيل لاحول ولا قوة لها إلا الاعتراف بالنصر المؤزر للمقاومة الإسلامية التي لا زالت تسطر الانتصارات من مسافة الصفر.

ختامًا.. إن الشعوب العربية والإسلامية الشريفة لا زالت توجه الرسائل الواضحة والمتكررة إلى إسرائيل ومن فيها من الصهاينة والمتصهينين المناصرين لها، من أهل الغدر والنفاق، كفو عن قتل الأبرياء من النساء والأطفال وكبار السن، فذلك لا يعني أنكم أقوياء، ومن أراد القوة والقتال فليواجه المجاهدين الأبطال في المقاومة الإسلامية، وليس انتهاك البيوت الآمنة وقتل النفوس البريئة التي لا ذنب لها، وإلا ستتوالى عليكم المحن كقطع الليل المظلم، وستكون نهايتكم أقرب لا محالة في ذلك.

ومهما طال الزمن إلا أنَّ النتيجة ستكون كما قال خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الإمام العادل علي بن أبي طالب: "دَوَامُ اَلصَّبْرِ عُنْوَانُ اَلظَّفَرِ وَاَلنَّصْرِ".