إفلاس النظام العالمي

 

د. خالد بن علي الخوالدي

كنَّا نؤمن بأن النظام العالمي بكل تصنيفاته نظام غير عادل، وبه الكثير من المحاباة والكيل بمكيالين لصالح الدول الكبرى، أما اليوم فإننا نجزم بإفلاس الأنظمة العالمية كلها باستثناء النظام الخاص بحقوق الحيوانات والذي تُرفع له القبعة لدوره العظيم في رسم سياسات صارمة وقوية تحترم حقوق الحيوانات حول العالم.

هذه النتيجة الإفلاسية للأنظمة العالمية الخاصة بحقوق الإنسان أصبحت حقيقة واضحة وجلية ولا تحتاج إلى دليل أو برهان، فما يحدث في غزة قد فضح هذه الأنظمة وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة التي تقف عاجزة ومقيدة ومكبلة حتى عن الإدانة، ولم تحرك ساكنًا على جرائم الحرب التي تحدث بشكل يومي وتلزم الصمت إزاء العنجهية الصهيونية واستخدام الأسلحة المحرمة دوليًا واستهداف المدنيين الأبرياء، وهذا- لعمري- إفلاس ما بعده إفلاس ونظام عالمي ظالم وغير عادل.

لا أدري ما الجدوى من وجود هذه الأنظمة التي تنصر الظالم على المظلوم، وتساعد القوي على البطش والتنكيل بمن هو أضعف منه، وتجامل وتحابي وتفرض عقوبات دولية على من تشاء (روسيا مثالًا) وتصمت صمت الجبناء على من تشاء (المحتل الإسرائيلي نموذجًا).. إننا كشعوب نتنازل عن وجود الأنظمة العالمية المختلفة التي تقف عاجزة عن إحقاق الحق وإحلال السلام والضرب بيد من حديد على من تسول له نفسه المساس بحق الإنسان في الحياة بكرامة وعزة.

ما يحدث في غزة ليس دمارًا لهم وحدهم؛ بل دمار لنا جميعًا ودمار للثقة والأمل الذي كُنّا نرسمه للمنظمات العالمية المختلفة لإعادة الحياة إلى طبيعتها وتصحيح مسار الأحداث إلى نصابها، والمؤسف هو تشدق الأمم الغربية التي تدير كل المنظمات العالمية بمبادئ العدل والحق وحقوق الإنسان والتي لا تنطبق إلا عليهم وعلى من يحبون، وتهدم كل هذه المبادئ عندما يأتي الأمر على الأبنة المدللة وعلى من لا يسير على نهجهم ويستمع إلى حديثهم ويُخالف آراءهم.

إننا كشعوب عربية ومسلمة وكل أحرار العالم نختلف مع هذه المنظمات وندعو بصوت واحد إلى حق أهل غزة في الدفاع عن أرضهم ومقدساتهم وحقهم في العيش بأمان دون حصار أو تضييق، والكلمة في الأخير لنا نحن الشعوب حتى وإن دانت الأنظمة لهذه المنظمات وشجبت واستنكرت وأدانت، فردة فعل الشعوب الحرة في الدول الغربية كان لها تأثير أكبر على أحداث غزة من كل المنظمات العالمية، فهذه الشعوب خرجت في مسيرات مليونية لكسر القيود التي وضعتها حكوماتها لمنع التعبير عمَّا يحدث في غزة، ومنعت هذه الحكومات التي تعتبر نفسها ديموقراطية وتدعو إلى حرية التعبير مسألة حتى التعاطف مع أهل غزة عندما تعلق الأمر بالصهيونية العالمية.

علينا أن نقرأ الفاتحة على منظمات الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر وهيومن رايتس ووتش وغيرها من المنظمات التي اتضح عجزها وموتها السريري أمام آلة الحرب الإسرائيلية المحتلة، وعلى الدول الباحثة عن العدل تشكيل تكتلات جديدة تؤمن بقيمة الإنسان وحقه في الحياة.