تفاؤل حذر بتحسُّن العلاقات الصينية الأمريكية

 

تشو شيوان **

زار عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني وزير الخارجية الصيني وانغ يي خلال الأيام الماضية الولايات المتحدة الأمريكية، وقد وجد البعض هذه الزيارة كبصيص أمل لتحسن العلاقات الصينية الأمريكية، خصوصًا بعد أن اتفق الجانبان الصيني والأمريكي خلال الزيارة على العمل معًا لعقد اجتماع رئيسي الدولتين في سان فرانسيسكو خلال الفترة المُقبلة، ما أثار اهتمامًا كبيرًا من المجتمع الدولي لمكانة الصين والولايات المُتحدة وتأثيرهما على العالم.

وقد أشار محللون إلى أنَّ هذه- بلا شك- إشارة واضحة تُعطي الناس سببًا للحفاظ على نظرة مُتفائلة بشأن تطور العلاقات الصينية الأمريكية في الفترة المُقبلة.. لكن من وجهة نظري أنَّ هذه العلاقة رغم ما سلف ذكره من مظاهر التحسُّن، إلّا أن هذا لا يمنع من الحذر، خصوصًا وأنَّ مُستقبل هذه العلاقة مرتبط بتصرفات الولايات المتحدة الأمريكية وتعاطيها مع الأحداث، أما الصين فموقفها واضح وثابت تجاه قضاياها الخاصة وتجاه الولايات المتحدة وتجاه العالم أجمع.

أثناء زيارة وزير الخارجية الصيني للولايات المتحدة- والتي جاءت بدعوة من الجانب الأمريكي- التقى الوزير بالرئيس الأمريكي جو بايدن، وعقد جولتين من المحادثات مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، كما التقى بمستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، وهذه هي الزيارة الأولى لمسؤول صيني رفيع المستوى إلى الولايات المتحدة بعد زيارة عدد من المسؤولين الأمريكيين رفيعي المستوى للصين منذ شهر يونيو 2023، وهذا يدل على أنَّه طالما أظهر الجانب الأمريكي موقفًا براجماتيًا (عمليًا)، فإنَّ التبادلات والتواصل بين البلدين سيُؤتي ثماره، وهذا ما يأمله العالم. وباعتبارها أهم علاقات ثنائية في العالم، فإنَّ العلاقات الصينية الأمريكية لها تأثير على مُستقبل البشرية ومصيرها، ومن أجل الحفاظ عليها، من المُهم تنفيذ مبادئ الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون المربح للجانبين التي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ، وهذا جوهر شكل العلاقات الصينية بالعالم.

الحقائق والمواقف الصينية واضحة؛ حيث تُعد مسألة تايوان المصلحة الجوهرية للصين والقضية الأكثر أهمية في العلاقات الصينية الأمريكية. وخلال زيارته إلى الولايات المتحدة هذه المرة، أكد وانغ أنَّ أكبر تهديد للسلام والاستقرار في مضيق تايوان هو ما يُسمى "استقلال تايوان"، وأنَّ التحدي الأكبر الذي يواجه العلاقات الصينية الأمريكية هو أيضًا "استقلال تايوان"، الذي يجب معارضته بحزمٍ، وتنفيذ هذا الموقف في سياساتٍ وإجراءاتٍ ملموسةٍ، والصين ترى أنَّ هذه المسألة خط أحمر رسمته لضمان مصالحها الجوهرية، ضمن مواقف ثابتة لا تتغير ولا تتبدل، وأنه على الجانب الأمريكي أن يفهم هذا الأمر، ويُدرك تمامًا أن الاقتراب من هذا الخط ينطوي على خطورة كبيرة على الجميع.

من المُؤمل أن يتحلّى الجانب الأمريكي بالشجاعة والحكمة الكاملتين للتحرك في نفس الاتجاه مع الصين، ويعمل مع الجانب الصيني على "المضي قدمًا بداية من قمة شي-بايدن في بالي نحو قمة في سان فرانسيسكو، من أجل منع حدوث المزيد من التدهور في العلاقات الثنائية وإعادة العلاقات بين الصين والولايات المتحدة إلى مسار التنمية الصحية في أقرب وقت".. وهذا المأمول وعلى عاتق من يتحقق هذا.. على عاتق الولايات المتحدة الأمريكية التي إن ارادت مسار صحيح مع الصين فعليها أن تناور بعيدًا عن الصين ومصالحها وقضاياها الجوهرية.

على جانب آخر، زار الصين خلال الأيام الماضية جافين نيوسوم حاكم ولاية كاليفورنيا الأمريكية والذي التقى بالرئيس الصيني شي جين بينغ، وأكد في مُقابلة مع مجموعة الصين للإعلام أن "فك الارتباط" ليس خيارًا بالنسبة للصين والولايات المتحدة. وشدد- خلال إحاطة صحفية- على أن التعاون بين الولايات المتحدة والصين ليس لعبة صفرية المحصلة، قائلًا "كلما كانت الصين أكثر نجاحًا، كلما كُنّا أكثر نجاحًا".

أجد أنَّ هذه المفاهيم عقلانية وعملية، وهذه التصريحات تُظهر فَهمًا موضوعيًا لدى الحكام، وهذا ما نأمل أن يُطبَّق، وأن يظهر في تعاملات الولايات المتحدة مع الصين خلال المرحلة المقبلة.

** صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية- العربية