ساقية الجامع

 

 

‏راشد بن حميد الراشدي **

 

هكذا ديدن الصالحين والذين نحسبهم كذلك عند رب العالمين.. أسرد لكم قصة سمعتها من أهل بيتي بعد وفاة إحدى نساء البلدة التي خلّدتْ ذكراها بينهن بسقي من يصلي الجمعة من النساء في مسجد الجامع بولاية سناو.

رحلت هذه المرأة وبقي الأثر خالدًا عند الناس وعند الخالق عز وجل. فما قصتها؟

إنها امرأة  في حالها من الرعيل الأول عاشت مشقة الحياة السابقة من شظف العيش وقلة ما باليد.. كافحت وسعت كما يسعى عباد الله في أرضه، ورزقها الله أبناء طيبين وبنات، وقد بلغت من العمر سنين جاوزت الثمانين عامًا. وعاشت بالقرب من جامع ولاية سناو مجاورةً له عاملة لربها، واشتهرت بصلاحها وعدم إساءتها لأحد. كانت عاملةً في أوجه الخير التي عايشها كل من عرفها، وكان من أبرز أوجه الخير هو سقيها للمُصليّات في يوم الجمعة في نهاية تسعينيات القرن الماضي وبداية الألفية الثالثة، كانت تأتي بالماء من بيتها وبيت ابنتها لتروي عطش المصليات وهي سعيدة بما تقوم به من عمل.

‏في غيابها اليوم، حفظت المصليات ذلك الفعل الجميل وهن يدعين لها بالمغفرة والرضوان لما كانت تقوم به من أفعال الصالحين.

‏ نسأل الله لها اليوم ولسائر المسلمين الفردوس الأعلى من الجنة، وأن يتغمدها الله بواسع رحمته، ويلهم أهلها وذويها الصبر والسلوان.. وإنا لله وإنا إليه راجعون.

‏فلقد "سقتْ لهن... ثم تولّتْ إلى الظل" فرحمة الله تغشها.

هذه قصة مُعتبر لأوجه البر والإحسان، ولا يدري المرء من أي وجوه الإحسان سيفوز بمرضاة الرحمن.

** عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية