محمد بن رامس الرواس
كان إنجازا غير مسبوق للمقاومة الفلسطينية مدعومًا بصمود جبار وضربة مُوجعة للعدو لم يستطع أن يفيق منها إلّا على صرخات الثكلى من نسائهم التي لا تشبه صرخات الثكلى من المؤمنات الفلسطينيات حين يعلمن باستشهاد أبنائهن الشجعان مقبلين غير مدبرين.
كثير ما تعرض الفلسطيني سواء بالقدس الشريف أو بغزة الصامدة أو بالضفة الغربية وغيرها من المدن الفلسطينية، لأزمات وصعاب وانتهاكا لحقوقه، سواء من مصادرة لداره أو أرضه بصفة مستمرة وممنهجة من الجماعات اليهودية مدعومين بجنود الاحتلال الإسرائيلي؛ وفي الفترة الأخيرة تم التركيز بشكل مستفز ولا يقبله مسلم على أهل المقدس وأهل غزة والذين نفذ صبرهم مما يشاهدوه ويسمعوه من استغاثات تردد صداها بالعالم أجمع عبر وسائل الإعلام، فلم يكن اختيار اسم المعركة "طوفان الأقصى" نابعاً من فراغ؛ بل عنوانا للسبب الرئيسي ودلالة على ما حدث ويحدث من انتهاكات إسرائيلية بالمسجد الأقصى ولأهل القدس أمام مرأى ومسمع من العالم دون أن يحرك أحد ساكنًا.
إن ما حدث قبل المعركة لم يكن ليدخل الصابرين والمرابطين من أهل الحق في حالة من الاستسلام واليأس لما أصابهم ولأنهم مؤمنون فقد تسلحوا أولا بالإيمان وثانيا بالصبر وثالثا بتجهيز أنفسهم وأخذوا بالأسباب وعندما توفر لديهم ما استطاعوا من العتاد وخططوا بفكر وتأنٍ وحانت ساعة الصفر التي اختاروها السابع من أكتوبر أقبلوا على التحدي فأرهبوهم بكل بسالة لأن أنفسهم لم تعد تطيق رؤية المقدسيات والجنود الإسرائيليين يركلونهن بأحذيتهم عند بوابات المسجد الأقصى وهنَّ يستغثن الله .
تحدي لا يعرف عقباه إلا الله لذا كان التوكل عليه عز وجل هو عنوان المعركة التي يخوضها أهل غزة وفصائل المقاومة، فمنذ اليوم الأول والفصائل الفلسطينية تشتبك مباشرة وبقوة جبارة وعزيمة واثقة بالله وجهًا لوجه متسلحين بالصمود وتجاوز التحديات.
لم تضعف مقاومة أهل غزة وشجعناها من كتائب القسام منذ اللحظة الأولى بل أخذوا بالأسباب فلم يكن لهم سوى خيار واحد النصر وثلاث مواقف: الإيمان والثبات والاستعداد بما استطاعوا من عتاد، ولقد كان لسبق المباغتة التي هي من خدع الحروب واقتنصتها المقاومة الفلسطينية الباسلة في ساعة استرخاء شديدة من العدو ميزة كبرى نقلتها إلى تحقيق أهدافها، ولأن فصائل المقاومة وعلى رأسها حماس قد أيقنوا أن تغير موازين القوى أمر لا مفر لهم من تنفيذه فلم يكن للتثاقل والفتور مكان في أجندتهم فالخصم يتسلح بالعتاد والسلاح والأسوار والجدر العالية والدعم الدولي بجانبهم لكنهم بالمقابل يتسمون بالجبن وضعف القلوب والنفوس والخوف وهي صفات أنبأنا الله بها بالذكر الحكيم وفضح فيها أنفسهم عند اللقاء.
واليوم ونحن ننتظر ونرصد ما ستأتي به الأنباء غدًا من تطورات تجري على أرض فلسطين سواء من ثبات للمقاومة أو ردة فعل الخصم أو ما سيقدم عليه المجتمع الدولي من تدخل لإيقاف المعركة، لقد كان إنجازا غير مسبوق للمقاومة الفلسطينية وضربة موجعة للعدو مدعومة بصمود جبار لم يستطع أن يفيق منها إلا على صرخات لا تشبه صرخات ثكلى فلسطين المؤمنات حين يعلمن باستشهاد أبنائهن الشجعان مقبلين غير مدبرين .
ختامًا.. إنه صراع تاريخي له جولات وصولات، صراع أزلي بين الحق والباطل بين صاحب الأرض والمحتل يشهده الزمان والناس أجيالًا تلو أجيال، فليكن لنا موقف يسجل في صحائفنا يوم الدين سواء بالكلمة أو المال فغدًا سيحتاج أهل غزة بشدة إلى الدواء والغذاء لتتواصل المعركة وتستمر المرحلة تلو المرحلة من الصراع حتى يأذن الله بوعده كما جاء في محكم الذكر المبين.