علي بن سالم كفيتان
استفاق الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين على أحداث كشفت الكثير من الحقائق المُهمة عن الصورة النمطية المرسومة عن ذلك الكيان لدى بعض النخب السياسية العربية، التي باتت تلهث خلف التطبيع مع جسد هش وحقيقة زائفة، وهنا استحضر الظهور الأخير لنتنياهو على منبر الأمم المتحدة في سبتمبر الماضي؛ وهو يحمل خارطتين؛ الأولى: عندما احتلوا فلسطين 1948 ويُشير فيها لحجم العداء الخارجي لكيان إسرائيل في العالم العربي، والثانية لوضع إسرائيل في 2023، وهي مُحاطة بهالة من اللون الأخضر للدول العربية التي طبَّعت معها أو التي ستنضم قريبًا لذلك التطبيع المشؤوم، وكم أسعدني أن بلادي لم تكن ضمن هذه الخريطة، في الوقت الذي ظل فيه شيخها ومفتيها العالم الإسلامي الوحيد المجاهر بالعداء لذلك الكيان المحتل، كل ذلك يمنحنا في عُمان شعورًا لا يُوصف عندما تنتصر المقاومة ويُدحر العدو.
الكيان المحتل يلهث خلف التطبيع مع الأنظمة العربية بكل قوته ويستخدم هيلمان أمريكا والغرب لتحقيق هذه الغاية في الوقت الذي ينكل فيه بشعب أعزل سالبًا أرضه ومقدراته ولو كان هؤلاء يفقهون لعلموا أن السلام ليس في يد الأنظمة العربية؛ بل في يد ذلك المناضل الفلسطيني الذي أعاد الكرامة والعزة لكل فلسطيني وعربي صباح السبت 7 أكتوبر 2023، حاملًا بندقيته ومنطلقًا إلى عسقلان ليستعيد بقية أرضه التي نهبتها عصابات الهاجانا، فانكشف للعالم حقيقة الكيان المحتل وجنوده الذين باتوا يركضون في كل اتجاه، طالبين الرحمة من ذلك القادم من تخوم غزة على ظهر طائرة شراعية يدفعه هواء فلسطين للتحرير مع بزوغ شمس ذلك اليوم العظيم. لقد شاهد العالم هروب المستوطنين في الصحراء، فارين بأرواحهم تاركين الحلم الذي نسجه لهم تيودور هيرتزل (مؤسس الصهيونية)، بينما صمد رجال فلسطين على أرضهم ولم يتركوها وعاشوا كل المحن والنكبات ولم يرضوا بالأوطان البديلة.
هذه هي الترجمة الأكثر وضوحًا لمن هم أصحاب الأرض، وعلى الكيان الصهيوني إدراك هذه الحقيقة تمامًا فلا أمن ولا استقرار إلا من خلال الاعتراف المباشر بطرف النزاع الحقيقي وهو جناح المقاومة الفلسطينية بكل فصائله وعلى رأسها كتائب عز الدين القسام فأصحاب أوسلو هم الطرف الصامت اليوم ولا يستطيعون النطق بكلمة لأن الصوت بات للبندقية.
كل شيخ وطفل عربي وكل أم عربية مُثقلة بروح الهزائم التي زرعتها الأنظمة المتواطئة مع الغرب يقولون اليوم "سلموا لي على محمد الضيف وبوسو لي رأس أبي خالد الذي أعاد لنا كرامتنا وثقتنا بأمتنا مجددًا".. لقد دهس رأس الأفعى ومرغها في التراب وجر عشرات العلوج إلى غياهب الأسر وهم مذعورين من هول ما حدث وسيقت دبابات الغرب ومدرعاتهم وأسلحتهم كغنائم إلى مخازن كتائب عز الدين القسام في جوف غزة العزة، لقد توسعت الأراضي المحررة وباتت ساحة المعركة خارج غزة الحرة الأبية، وأصبحت مستوطنات غلاف غزة مهجورة، إلا من المُرابطين فيها من المقاومة الفلسطينية تدعمهم روح الشهادة وعناية الله ودعاء العالم الإسلامي بالنصر والتمكين سيستميت الكيان المهزوم لاستعادة ما فقد وسيخسر المزيد من الأرواح وستكتب ملاحم جديدة لشباب فلسطين المجاهد من أجل استعادة أرضه وكرامة شعبه.
أيها اليهود.. فلسطين ليست وطناً لكم عودوا الى أحفاد بلفور ليبحث لكم عن وطن آخر أو يمنحكم قطعة من أرض أجدادكم قبل أن يحملوكم على ظهور البواخر من أوروبا الى فلسطين. لن ينفعكم اعتراف الغرب بكم ككيان ودفعكم من أوطانكم وحياتكم الهنيئة في أوروبا وأمريكا إلى فلسطين إنهم يجمعونكم لمصيركم المحتوم، كما تقول كتبكم، تأكدوا أن الشعوب العربية لا تقبل بكم وأنها تنفر من وجودكم ولو بصم كل الحكام العرب لكم ومنحوكم ورقة التطبيع الزائف؛ فجميع الأجيال تعلم أنكم مغتصبون لأرض فلسطين وهذه هي الحقيقة الماثلة اليوم بعد نكستكم في أرض الرباط.
كما تعودنا على ردات أفعالكم بعد كل غارة، ستدمرون المباني في غزة وتقتلون الأطفال والنساء في الشوارع بطائرات الغرب وذخائره، المهم أنكم قد تلقيتم هذه المرة ضربة موجعة ولا يهم ما سيحدث بعد ذلك؛ فالشعب الفلسطيني تعود على صلفكم وهمجيتكم وبات يعرف كيف يتعامل معها..
عاشت فلسطين حُرّة أبيّة.. وسلموا لي على محمد الضيف ورفاقه في أرض الرباط.