العلاقات العُمانية السعودية .. رؤى مشتركة وآفاق واعدة

 

د. سالم بن عبدالله العامري

تحمل الزيارة الخاصة لصاحب السُّمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء بالمملكة العربية السعودية إلى سلطنة عُمان، ولقاؤه بأخيه حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- دلالةً وأهميةً كبيرة، تعكس عُمق العلاقات العُمانية- السعودية في مختلف المجالات، تُعززه الوشائج الأخوية وأواصر القربى والجوار بين الشعبين، والتعاون البنّاء، ووحدة المصير المشترك، فقد جاءت الزيارة لتوطيد العلاقات الثنائية، وبحث تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، إضافة إلى استعراض التطورات الإقليمية والدولية بما يحقق الأمن والسلم الدوليين.

تقوم العلاقات العُمانية السعودية المتأصّلة والمتجذّرة منذ أكثر من نصف قرن من الزمن، على مبادئ الأخوة والجوار والتاريخ المشترك، وقد شكلت الزيارات المتبادلة بين قادة البلدين الشقيقين والمتواصلة منذ بدايات النهضة المباركة، التي أسسها السلطان الراحل قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- دورًا أساسيًا  في تعزيز العلاقات الأخوية، والتي استمرت حتى يومنا هذا، والتي دخلت مرحلة جديدة في عهد حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم- نصره الله- تأكيدًا منه على أهمية ترسيخ هذه العلاقة التاريخية مع المملكة العربية السعودية وتطويرها في مختلف المجالات؛ بما يُحقق مصالح وتطلعات الشعبين الشقيقين. وهو ما أكده معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية العُماني في حديثه مع صحيفة الشرق الأوسط السعودية؛ حيث اعتبر العلاقة بين سلطنة عُمان والمملكة العربية السعودية "علاقات جوار أخوية ونموذجية في شكلها ومضامينها وهي تحظى بالرعاية السامية والمتابعة الكريمة من لدن قيادتي البلدين".

ولعل العوامل الجغرافية والديمغرافية لكلا البلدين وتوفر المقومات الثقافية والتاريخية المشتركة ما يجعل من التعاون المشترك ملحًا وضروريًا ينبغي تسخيره بشكل مثالي لبناء مزيد من  الرؤى الاستراتيجية والأهداف المشتركة بين البلدين فإذا ما نظرنا إلى خريطة البلدين الاقتصادية، والسياسية، والبشرية، وحتى خريطة التضاريس، والمناخ نلاحظ أن ثمة مصير مشترك لا يُمكن تجاهله؛ فالبلدان يشتركان بالجوار في مختلف مصادر الطاقة المتجددة وغير المتجددة؛ حيث البحار المفتوحة، والخزان الجوفي للمياه، والنفط والسيوح الممتدة بلا حدود في كل الاتجاهات وغيرها من العوامل التي أوجدت تناغمًا سياسيًا واقتصاديًا بين البلدين الشقيقين؛ الأمر الذي يجعل من العمل المشترك والاستثمار الجماعي ضرورة حتمية لا غنى عنها بين البلدين الجارين.

ويعمل البلدان الشقيقان على تعزيز العلاقات الاقتصادية بينهما، والتعاون المشترك في مجال التجارة والاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة؛ بما يخدم توجهات البلدين لتحقيق رؤية «المملكة 2030» ورؤية «عُمان 2040»، وما تتضمنه الرؤيتان من مستهدفات ومبادرات للتنوع الاقتصادي، والاستفادة من مقومات البلدين في هذا الإطار، وتفعيل أعمال اللجنة العُمانية- السعودية المشتركة. وقد أسهمت الشراكات الاستثمارية والتجارية بين البلدين الشقيقين، في ارتفاع التبادل التجاري بنسبة ملحوظة بلغت 123 بالمائة في نهاية عام 2022، مسجلًا 2.7 مليار ريال عُماني مقارنة بنهاية عام 2021م. وقد أكدت الأرقام الصاعدة في النمو في السنوات الأخيرة في حجم التبادل التجاري بين المملكة والسلطنة عن توفر رغبة حقيقية وصادقة وإيمان عميق بحجم المكتسبات المتوقعة لتعظيم الفوائد المشتركة من  التبادل التجاري بين البلدين في مختلف القطاعات الحيوية مثل القطاع اللوجيستي ومجالات الطاقة المتجددة والأمن الغذائي والمائي والصناعات التحويلية ومشاريع البتروكيماويات والمشاريع السياحية وغيرها من المجالات.

وعلى صعيد آخر، لم يقتصرالتواصل بين المملكة والسلطنة في الآونة الأخيرة على تعزيز التعاون الاقتصادي، بل يزداد التنسيق بين البلدين بشأن ملفات سياسية مهمة، في مقدمتها الحرب في اليمن، والتقارب السعودي الإيراني، وغيرها من القضايا الإقليمية والدولية التي تهم المنطقة.

 وختامًا، فإنَّ هذه الزيارة بلا شك تحمل دلالات كبيرة وقيمة سياسية مُهمة تزيد من قوة العلاقات بين البلدين إلى آفاق أرحب وأوسع بين الرياض ومسقط في كافة المجالات؛ بما يحقق مصالح وتطلعات الشعبين الشقيقين.

تعليق عبر الفيس بوك