إعادة تقييم عمل شركات الأسماك

 

حيدر بن عبدالرضا اللواتي

haiderdawood@hotmail.com

 

بالرغم من الأهمية التي يُمثلها القطاع السمكي في نمو الاقتصاد العُماني، إلّا أنَّ الحكومة والقطاع الخاص لم يُحققا الاستفادة الكاملة من هذا القطاع خلال السنوات الماضية، على عكس ما نراه في دول ساحلية أخرى؛ فوجود شركة الأسماك العُمانية منذ عام 1988 لم يُثمر النتائج المرجوة للاقتصاد المحلي، إن لم تكن الحكومة قد أنفقت عليها الكثير لتغطية خسائرها السنوية؛ باعتبارها واحدة من الشركات التابعة لجهاز الاستثمار العُماني.

من هذا المنطلق بدأ الجهاز خلال الفترة الماضية، عملية إعادة تقييم الشركات الخاسرة، ووضع المخططات الجديدة لانطلاقتها مرة أخرى، وذلك في عدة قطاعات تشمل السياحة والخدمات والصناعة والأسماك وغيرها من القطاعات الواعدة؛ الأمر الذي يُساعد أيضًا في توفير مزيد من الأعمال للعُمانيين.

ومؤخرًا بدأ الجهاز في دعم الشركات الجديدة له من ضمنها إنشاء شركة "تنمية أسماك عُمان" عام 2019 لتعزيز نمو قطاع الثروة السمكية، وأصبحت هذه الشركة بمثابة شركة قابضة تضم اليوم العديد من الشركات الفرعية بما في ذلك "شركة الأسماك العُمانية" الخاسرة، إضافة إلى شركات فرعية متخصصة أخرى كشركة المياه الزرقاء، وشركة روبيان المحيط للاستزراع السمكي، وشركة الوسطى للصناعات السمكية، والشركة الدولية للمنتجات البحرية؛ الأمر الذي يُساعد في العملية الإنتاجية والتكامل فما بينها لتقديم المنتجات البحرية والسمكية للسوق المحلي والأسواق الخارجية الأخرى. ووجود مثل هذه الشركة يعني تعزيز الإنتاج من الاستزراع السمكي وتسويق كل ما تطرحه هذه الشركات تجاريًا، وزيادة حصيلة الصناعات السمكية وتعزيز الجوانب التجارية لها، والاستثمار في مشاريع مربحة يمكن أن تبرز قيمتها الاقتصادية للمستثمرين. كما أن الهدف من تأسيس هذه الشركة هو السعي لاستكشاف المزيد من الفرص المحلية والدولية في هذا القطاع والاستثمار فيها، والعمل على تعزيز ربحية هذا القطاع القطاع المهم واستدامته على نطاق عالمي.

وتواجد شركة تنمية أسماك عُمان بشركاتها المختلفة سوف يزيد من القدرة التنافسية للبلاد في الأسواق العالمية بجانب تعزيز وتحفيز الاقتصاد العُماني من خلال خلق فرص استثمارية جذابة للمستثمرين، وفتح مجالات أوسع للشركات الصغيرة والمتوسطة المحلية، وتعزيز القيمة المضافة لها على المستوى المحلي. كما تعمل الشركة اليوم على تحقيق الاستدامة من خلال رعاية وتطوير القوى العاملة المحلية لها بهدف إيجاد قادة اقتصاديين محليين وخبراء تقنيين متخصصين في مجالات العلوم والابتكار والتكنولوجيا.

من هذا المنطلق تم مؤخرًا دعم نمو الشركة بسفينة صيد متخصصة تم شراؤها من إسبانيا وهي سفينة "أكيلا"، التي صُممت وفقًا لأعلى المعايير الدولية من أجل ممارسة الصيد المستدام، والاستفادة من أسماك السطح العُمانية التي تتكاثر في البحار العُمانية والمحيط الهندي. هذه السفينة ستعمل على صيد أنواع مختلفة من أسماك التونة في المياه الدولية مع الاحتفاظ على أعلى مستويات الجودة في مجال الصيد البحري؛ الأمر الذي سوف يُعزز من مكانة السلطنة للاستثمار في القطاع السمكي، وكوجهة استثمارية جذابة للمستثمرين المحليين والدوليين الذين يبحثون عن فرص الاستثمار والنمو في قطاع الثروة السمكية. كما تساعد هذه الخطوة على تحسين إمكانيات الصيد لدى الصياد العُماني الذي لا زال يعتمد على الصيد اليومي المعتاد من الأسماك الصغيرة من خلال أدوات الصيد البسيطة.

إنَّ المشاريع التطويرية لشركة تنمية أسماك عُمان هدفها الاستغلال المستدام لموارد الثروة السمكية المتواجدة في البحار العُمانية وتعزيز قدرات الأجيال الصاعدة للدخول في هذا القطاع الثري، والتخصص في تلك المجالات المُهمة، مُستفيدةً من التاريخ البحري لعُمان التي بسطت نفوذها على عدة دول في قارات مختلفة. وهذا الأمر يجعل من سلطنة عُمان إحدى الدول المُؤثرة في إنتاج الأسماك وبيع مُختلف المنتجات السمكية والمأكولات البحرية عالية الجودة إلى دول الجوار والدول العربية والأجنبية؛ بما يُعزز من عملية تنويع الاقتصاد العُماني من خلال توظيف الإمكانات الهائلة لقطاع الثروة السمكية ومنتجاتها المختلفة وتعزيز سياسات الأمن الغذائي بالسلطنة.