فئات للأسف لا تشملهم الحماية الاجتماعية

 

ناجي بن جمعة البلوشي

دائمًا ما يركز الكثير من المختصين عند صياغتهم للمنظومات الاجتماعية على الفئات السائدة في المجتمعات أو على ما قامت به دول من تجارب في مجتمعات أخرى، كما أنهم يميلون إلى ما يسود في خاطرهم والأقرب إلى مصالحهم، وهذا يحدث سهوا أو من سوء تقدير وإدراك، أو من رغبة إنسانية صرفة وهذا أمر طبيعي، ولنتشارك معهم فيما غفلوا عنه أو نسوه، فهنا نضع بعضا من الفئات المجتمعية في سلطنتنا الحبيبة لا تشملهم الحماية الاجتماعية المقرة في قانونها الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 52/2023، فهذه المنظومة تتشارك هي وقانون التأمينات الاجتماعية السابق في الكثير من الروابط واللوائح المنظمة، والذي لم تكن فيه ذات الفئات المذكورة هنا كما أنها لم تراع من قبلهم فيما استحدث من قانون شمل الكثير من الفئات المستحدثة، ومن مبدأ التذكير والاقتراح نضع ما يدور في خاطرنا عسى أن نجده وضع كفئات مستحدثة أضيفت في اللوائح المنظمة للقانون والذي بطبيعته شمل الأطفال وكبار السن كفئات مستحدثة، كما أنه ألغى مبدأ الإلزام الذي ارتبط بحالات كثيرة عانت من ذلك الشرط وأدى بها إلى تدهور حياتها المعيشية لكن القانون الجديد راعاهم وأعطاهم أمل العيش الكريم المستحق لكل مواطن على هذه الأرض الطيبة في ظل القيادة الحكيمة لمولانا السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله .

ومن بين الفئات التي أود أن تدرس لتضاف أحقيتها في الاستفادة من منافع قانون الحماية الاجتماعية -المريض نفسيا- والذي يدخل في دوامة الرهاب الاجتماعي؛ فالكثير من هذه الفئة يتصرفون تصرفات تعيقهم عن الحياة الاجتماعية كالانطواء على حالهم والعيش بمفردهم والخوف من كل شيء حتى من العمل والاحتكاك بالناس، فيظلون مرضى نفسيين غير مسجلين في أي لائحة تنظيمية تساعدهم على احتياجات معيشتهم الاجتماعية كتلك التي تعنى بالإعاقة الذهنية أو الإعاقة الحركية أو غيرها مما يعتمد من تقارير طبية منظمة لذوي الإعاقة، ثم أنتقل إلى الفئة الثانية وهم أولئك المستقيلين من أعمالهم وقد تعدوا الخمسين من عمرهم، فأنا أعرف شخصيا حالة تقدم شخصها باستقالته للوزارة التي يعمل بها قبل سنتين إبان فقاعات الهرج والمرج التي سادت خواطر ومسامع الموظفين في القطاع الحكومي على ما في قانون التقاعد الجديد؛ حيث تقدم باستقالته التي قُبِلت ليحصل بعدها على مكافأة نهاية الخدمة، والتي للأسف أستحوذ عليها البنك كاملة لقرضه دون أن يراعيه في أي شيء من التزامات حياته، ولم يكتفِ بذلك بل رفع قضية مطالبة بالمبالغ المتبقية عليه، والآن هو في عذاب نفسي بين مطرقة محكمة البنك وعدم قدرة السداد وسوء حياته الاجتماعية مع رفض قاطع من القطاع الخاص، أو أي مجال عملي آخر لقبوله في العمل بسبب كبر سنه. الفئة الثالثة لا تختلف عمَّا سبقتها من حالة سوى باختلاف عمل الشخص؛ فالذي يعمل لحسابه الخاص وأصابته نكسة في الحال والمال من آثار تقلب السوق والحالة الاقتصادية التي تمر بها الحياة كروتين حياتي عادي تراه يعاني مُر المحاكم من مطالبات الديون المتراكمة عليه من تلك المهنة، إضافة إلى نغص الحياة التي لا يمكن أن يصفها لأي إنسان، فهو لم يحصل على شيء منها سوى ما حصل عليه من خبرة عملية لا يقبل بها في التوظيف لدى المنشآت الحكومية أو القطاع الخاص، فتجده ميتًا حيًّا في بلد تتقاسم فيه الثروات. أما إن كان من المؤمن على حاله كصاحب عمل فهو أيضًا يبقى خارج نطاق التغطية لعدم بلوغه سن التقاعد أو المنفعة أو غيرها مما ينظم المنفعة والتعويض.

فئة أخرى هي ذلك المسجون على أية قضية كانت، فقد كانت اللائحة تحدد مدة الحبس بستة أشهر كحد أدنى للسجن بعدها يُصرف لأسرته راتب الضمان الاجتماعي، وسؤالنا هو ما ذنب أسرته في تلك الستة أشهر؟ ومن هو المعيل؟ وكيف يمكن لهم التصرف والعيش؟ كما أنَّ الذي يقضي مدة تقل عن ستة أشهر في السجن كيف له أن يحصل على وظيفة من مجرد خروجه من السجن؟ ومن الضامن له بحصوله على وظيفة سريعا؟ فيبقى حال أسرته بين حالين في أنه لم يتعدَّ الستة أشهر لتصرف لأسرته منفعة غياب رب الأسرة، ومن المؤكد أنه لن يحصل على فرصة عمل سريعا. فئة أخرى ممن أجبرته الوظيفة أو مقرها أو الإدارة أو أي شيء تعارض مع شاغلها، وهنا أعني المستقيلين من وظائفهم، فالاستقالة في الواقع هي أمر خاص وشخصي للإنسان لكن في بعض الأحيان تجبره الظروف على تقديمها، وهنا لا أريد أن أضعها في الوضع الأصح للإنسان، لكنها موجودة في الواقع؛ لذا نسأل عن من يستقيل: لماذا لا يُعطى منفعة الباحث عن عمل في فترة بحثه عن عمل؟ ثم بعدها ننتقل إلى الفئة الأقرب إلى مثالنا السابق، فنقول من هم الباحثون عن عمل؟ الخريجون أم المفصولون من الدراسة؟ أم التاركون لمقاعد الدراسة أم المسرحون أم المستقيلون أم الخارجون من السجن أم من فقدوا أموالهم وتجارتهم؟ أم من هم على مقاعد الدراسة وحاملون لأرقام الباحثين عن عمل؟

كما أنَّ هناك فئات يمكن أن يوضع لها عنوان في اللائحة التنظيمية الجديدة ويمكن للمختصين البحث عنها كفئة مدمني المخدرات أو الآفات الأخرى، ومن المسؤول عن إعالة أسرهم؟ والمطلقة المقهورة من مدمن المخدرات أو غيرها من الآفات وعمرها لم يصل الأربعين؟ والأسرة المهجورة من رب الأسرة وله راتب تقاعد؟ والمطلقة من ذات الفئة ولم تبلغ الأربعين؟ وللمختصين أن يضيفوا منفعة لفئة رجال التعدد في الزوجات تشجيعًا لهم ولمحو العنوسة من البلاد لما معهم من مصاريف والتزامات.

السطر الأخير اتحفظ عليه شخصيًا، ووضعته هنا لأنه من ضمن كلمات المقال.