مشروع واحد.. و4000 فرصة عمل!

 

سعود بن حمد الطائي

إذا كان لنا أن نستفيد من تجارب الآخرين، وأن نتعلم من خبرة الغير، فإن مشروع "نقوى" لإنتاج الأسماك والروبيان؛ خير مثال لذلك، فهذا المشروع المُقام على ضفاف البحر الأحمر على مساحة وقدرها 5000 هكتار وعلى امتداد 65 كيلومترا، يُنتج 600 ألف طن من الروبيان والأسماك الأخرى، عن طريق الاستزراع السمكي، والأهم من ذلك أنه يوفر 4000 فرصة عمل، وهذا العدد الكبير من الوظائف ليس فقط هو ما نحتاج إليه، وإنما أيضا هذه الكمية الكبيرة من الأسماك، وخاصة أن بلدنا مُطل على بحرين وخليج، لمساحة تزيد عن 2000 كيلومتر، في حين لا تتعدى مساحة البحر الأحمر عُشر هذه المساحة!

كثيرًا ما أتساءل عن السبب الذي يقف وراء نجاح الكثير من الشركات في البلدان المجاورة، فيما تتعثر شركاتنا المحلية رغم الإمكانيات الكبيرة والأموال الكثيرة التي تُصرف على الكثير من تلك الشركات؛ فشركات الألبان- على سبيل المثال- مثل المراعي ونادك بالمملكة العربية السعودية تنتشر منتجاتها في كل بيت، وتتصدر منتجاتهم معظم رفوف المحال التجارية، بينما تنزوي في خجل منتجات شركة مزون للألبان، رغم أنها تُقدِم منتجات جميلة ومتنوعة، ومن قبلها أيضا اختفت منتجات شركة "مزارع شمس صحار" بعد أن وُضعت عليها آمال كبيرة واختفت من الأسواق. أيضًا منتجات طموحة لشركة "أعلاف ظفار". في المقابل، لم يكلف أحدٌ نفسه عناء معرفة الأسباب التي أدت لضياع جهود كبيرة من العمل في تأسيس هذه الشركات الكبيرة والأموال التي صُرفت لإنشائها والآمال التي عُلِّقَت عليها لتساهم في سد العجز من المنتجات الغذائية في أسواقنا المحلية، وإيجاد فرص عمل للكثير من أبناء هذا البلد العزيز.

إن معرفة أسباب الإخفاق ضرورية لوضع اليد على الجرح، وعلاجه، كي يستقيم ويصبح عضوًا فاعلًا كسائر أعضاء الجسم، لا سيما ونحن نعيش في ظل اقتصاد غير متنوع ما زال يعتمد على منتج واحد فقط هو النفط، ولم نحقق المستهدف في تنويع مصادر دخل أخرى، رغم كل هذه السنين. والمفارقة الأخرى أن الكثير من مشاريع الأمن الغذائي وسلسلة المحال التجارية الكبيرة، جاء بها مستثمرون من خارج البلاد، رغم أن استثماراتها ليست بتلك الضخامة التي تتطلب مبالغ كبيرة، لكنَّ هِمَمَ المستثمرين العالية وقناعاتهم بجدوى وأرباح المشاريع في عُمان دعتهم إلى المجيء والاستفادة من الفرص الكبيرة، في الوقت الذي أحجم فيه الكثيرون ممن ساندتهم الدولة وقدمت لهم التسهيلات الكبيرة والأراضي الواسعة، ولكن البلاد كانت آخر من استفاد من تلك المجموعات التي تمتلك الأموال والتسهيلات، وربما يكون ضعف مستوى الإدارة، وغياب التخطيط الجيد، وضعف الرقابة الإدارية والمالية من الأسباب الجوهرية للإخفاق، علاوة على تغليب المصلحة الشخصية على مصلحة البلد العامة، في الوقت الذي يستدعي تضافر جميع الجهود وتوجيه جُلّ الإمكانيات ووضعها دون قيد أو شرط لخدمة أهداف البلاد، ومصالح أبنائه الذين يتطلعون للمشاركة في بنائه والحصول على فرص عمل يرتقي بها الوطن وتتعزز آفاق مستقبله بين الأمم.