مختصون لـ"الرؤية": العلاوة السنوية حق لموظفي القطاع الخاص ووسيلة لتحقيق الانتماء إلى بيئة العمل

 

◄ أحمد بن سعيد: العلاوة الدورية حق قانوني مكتسب بما لا يقل عن 3% من الأجر الأساسي

◄ الجهوري: وجود نظام شفاف وعادل يسهم في إضفاء عدالة العلاوات   

◄ الحامدي: التقييم العادل مفتاح لضمان بقاء العلاوة السنوية أداة للتحفيز وليس التمييز

◄ الخليلي: لابد من منح الموظف حق التظلم من نتيجة التقييم

 

الرؤية- ريم الحامدية

أجمع عدد من المختصين في الموارد البشرية والقانون على أنَّ العلاوة السنوية تُعد إحدى الوسائل المُعتمدة للتعبير عن تقدير الجهود التي يقوم بها العاملون في المؤسسات، معتبرين أنها أداة لتعزيز الالتزام داخل بيئات العمل في القطاع الخاص، خاصة في المؤسسات التي تربط هذا الامتياز بمستوى الأداء الفردي.

وأشاروا- في تصريحات لـ"الرؤية- إلى أن هذا الربط يُسهم في رفع كفاءة الموظفين وتحقيق أهداف المؤسسة، خاصة حينما يتم وفق أسس واضحة وتقييم عادل، إلى جانب أهمية وجود معايير دقيقة وشفافة تضمن العدالة وتُعزز بيئة العمل التنافسية.

وقال الدكتور أحمد بن سعيد الجهوري الخبير القانوني والرئيس التنفيذي لشركة الدكتور أحمد بن سعيد الجهوري وشريكه للمُحاماة والاستشارات القانونية: إنَّ قانون العمل العُماني الصادر بموجب المرسوم السلطاني رقم 53/2023، قد نصّ على حقوق العامل المالية، ومنها الأجر والعلاوة الدورية، مضيفًا أنَّ القانون خوّل لوزير العمل صلاحية تحديد الحد الأدنى للعلاوة الدورية وشروط صرفها، وهو ما تمَّ ترجمته فعليًا من خلال القرار الوزاري رقم 541/2013، الذي ألزم مؤسسات القطاع الخاص بصرف علاوة دورية سنوية لا تقل عن 3% من الأجر الأساسي للعامل العُماني، تُمنح في الأول من يناير من كل عام، بشرط ألا يقل تقييم أدائه عن "متوسط" وألا تقل مدة خدمته عن 6 أشهر.

وأوضح الجهوري أنَّ صرف العلاوة الدورية للعُمانيين لم يعد خيارًا يخضع لاتفاق الطرفين، بل أصبح حقًا قانونيًا مكتسبًا يقع على عاتق صاحب العمل، ما لم توجد موانع قانونية واضحة كضعف الأداء الموثق، مشيراً إلى أنه في حال كان العامل غير عُماني، تظل العلاوة السنوية خاضعة لما يُتفق عليه في عقد العمل أو لوائح المُنشأة، في ظل غياب نص مُلزم بصرفها.

وأكد الجهوري أن القانون أجاز ربط استحقاق العلاوة بتقييم الأداء السنوي للعامل، وهو ما جاء صريحًا في القرار الوزاري رقم 541/2013، الذي ينص على حرمان الموظف من العلاوة إذا حصل على تقييم "ضعيف". وأضاف أنَّ هذا التوجه يتماشى مع قانون العمل الجديد الذي يُشجّع على ربط المكافآت بالأداء والكفاءة والإنتاجية.

وأشار الخبير القانوني إلى أن ربط العلاوة بالأداء يُعد أمرًا قانونيًا، شريطة الالتزام بمعايير موضوعية معلنة وآليات تقييم شفافة، تضمن حقوق العامل وتمنع أي استغلال أو تعسف، مبيناً أنَّ تحقيق العدالة في هذا السياق يتطلب عددًا من الضوابط المستمدة من القانون، أهمها وجود نظام تقييم أداء مكتوب ومعتمد، لا سيما في المؤسسات التي يزيد عدد عمالها عن 25 عاملاً، إلى جانب توثيق تقارير الأداء وتوقيعها من المشرفين، وإشعار العامل بنتيجته ومنحه حق الاعتراض عبر القنوات الداخلية، وضمان الحياد ومنع التمييز وتوحيد المعايير.

وتابع الجهوري قائلاً: إن هذه الضوابط ليست فقط التزامًا قانونيًا، بل وسيلة ضرورية لصُنع بيئة عمل عادلة ومُحفزة، تُكافئ المجتهد وتدعم الكفاءات بعيدًا عن أي تحامل.

وحول حقوق العامل في حال حرمانه من العلاوة، أوضح الجهوري أنَّ القانون منح العامل عدة مسارات للطعن، تبدأ بالتظلُّم لدى جهة العمل، ثم تقديم شكوى إلى وزارة العمل عبر دائرة تسوية المنازعات العمالية، وفي حال تعذُّر الحل الودي، يحق له اللجوء إلى المحكمة العمالية المختصة، مع الإعفاء من الرسوم القضائية.

وبيّن الخبير القانوني أن للعامل الحق الكامل في الاعتراض على تقييم الأداء إذا شكّ بوجود تعسف، ويمكنه الاستناد إلى سجلات عمله ومساهماته لتأكيد أحقيته بالعلاوة.

وشدّد الجهوري على أنَّ المشرّع العُماني أرسى إطارًا قانونيًا متقدمًا لحماية حقوق العامل، وجعل من العلاوة الدورية التزامًا قانونيًا لا يسقط إلا بتقييم ضعيف موثق، مؤكدًا أن ربط العلاوة بالأداء لا يجب أن يتحوّل إلى أداة للتعسف، بل يجب أن يُنفذ وفق ضوابط تضمن العدالة وتحفّز العامل على العطاء، داعياً المؤسسات إلى ترسيخ الشفافية وتوثيق التقييمات باحترافية، تحقيقًا للاستقرار في بيئة العمل، وبما يضمن مصلحة الطرفين تحت مظلة القانون وروحه.

د.أحمد الجهوري.jpeg
 

من جانبه قال رائد الأعمال سعود الجهوري الرئيس التنفيذي لشركة ترابط، إن الحوافز المادية تُعد من العوامل المهمة جدًا لكل مؤسسة وفرد، كونها تؤثر بشكل مباشر في نتائج الأداء، موضحاً أن العلاوة السنوية تُمنح في بعض المؤسسات لكل موظف حصل على تقدير "مقبول" فأعلى، في حين يُحرم منها من حصل على تقدير "ضعيف" فأدنى، مما يعني ارتباطها بأداء الموظف بشكل أو بآخر.

وأضاف أنَّ وجود نظام شفاف وعادل لتقييم الأداء، مع مؤشرات أداء واضحة، يُسهم إلى حد كبير في إضفاء العدالة على استحقاق العلاوة، ويجعل منها عاملًا إيجابيًا محفّزًا في خلق بيئة تنافسية صحية داخل المؤسسة، مشيراً إلى أنه يمكن للمؤسسات الاستفادة من العلاوة السنوية من خلال مضاعفتها للموظفين الذين يقدمون أعمالًا استثنائية أو ابتكارية، أو مقترحات إبداعية تُسهم في تقليل التكاليف أو زيادة الإنتاجية والأرباح، بما يحوّلها إلى أداة تشجيعية تُحفّز الجميع على العمل بفعالية أكبر وتطوير الأداء، الأمر الذي ينعكس إيجابًا على المؤسسة وقدراتها التنافسية في السوق.

وفيما يتعلّق بالتحديات التي قد تواجه المؤسسات عند ربط العلاوة السنوية بأداء الموظف، أكد الجهوري أن أكبر التحديات تكمن في الجانب الثقافي، حيث يمكن أن تدخل العاطفة أو الرغبة في تجنب النزاعات ضمن عملية التقييم، منوهاً إلى أنَّ غياب مُمكنات التقييم العلمي والموضوعي في بعض المؤسسات يمثل عائقًا رئيسيًا، مشيراً إلى أنه في بعض الحالات يُستبدل مبدأ العدالة بمبدأ المساواة، وهو ما قد يُضعف جدوى النظام برمّته.

وشدّد الجهوري على أهمية وجود نظام تقييم ومؤشرات أداء علمية وواضحة ومكتوبة، تُبنى من قبل مؤسسات متخصصة، مع نظام متابعة فعّال يسدّ فجوات الأداء في مراحلها المبكرة، داعياً إلى إقامة ورش عمل تدريبية حول كيفية صياغة مؤشرات الأداء وآليات تقييمها، وتوضيح أثرها على مستوى الفرد والمؤسسة، حتى يكون التقييم السنوي منصفاً وغير متحيز.

وأشار سعود الجهوري إلى أنه يجب أن يوقّع كل موظف على مؤشرات أدائه السنوية في بداية كل عام، بعد التأكد من فهمه الكامل لها، ومعرفة آلية التقييم والمعايير التي ستُعتمد في نهاية العام. واختتم بالقول: "ينبغي أن تكون العدالة والإنتاجية الركيزتين الأساسيتين في تقييم الأداء المرتبط بالعلاوة السنوية".

سعود الجهوري.jpeg
 

وفي السياق، أوضح علي بن سليمان الخليلي مؤسس وشريك تنفيذي في "إنسباير" لاستشارات الموارد البشرية، أن ربط العلاوة السنوية بالأداء يعتمد على عوامل مُهمة، في مقدّمتها كيفية تقييم الأداء وعدالته، مؤكدًا أنَّه إذا توفرت عدالة التقييم من الناحية العملية، فإنَّ هذا الربط يُعد خطوة محفّزة تعزز التنافس الإيجابي، خاصة مع وضوح الأهداف والتوقعات.

وأشار الخليلي إلى أن أبرز التحديات التي قد تواجه المؤسسات في حال ربط العلاوة السنوية بأداء الموظف، يتمثل في غياب الموضوعية والعدالة في التقييم، وضعف نظام تقييم الأداء، وغياب الشفافية والتغذية الراجعة، إلى جانب تفاوت معايير التقييم وضعف مهارات التقييم لدى المسؤولين.

وفيما يتعلّق بضمان أن يكون التقييم منصفًا وغير متحيز إذا ارتبط بالعلاوة السنوية، أوضح الخليلي أن ذلك يتطلب إطارًا متكاملًا يجمع بين السياسات، والأدوات، والتدريب، والمراقبة، مضيفًا: من بين أهم الوسائل لتحقيق ذلك: وضع معايير تقييم واضحة، تدريب المسؤولين على التقييم، إشراك الموظف في وضع الأهداف والتقييم، ومراجعة الأداء بشكل دوري وموثق طوال العام.

وأكد الخليلي على أهمية وجود إطار يتيح للموظف حق التظلم من نتيجة التقييم، على أن تُراجع من قبل لجنة خارجية مُحايدة، لضمان الشفافية والنزاهة في عملية التقييم.

علي الخليلي.jpeg
 

وبيَّن يعقوب بن راشد الحامدي مشرف عام في قسم إدارة التوريد وعامل في القطاع الخاص، أنَّ ربط العلاوة السنوية بتقييم الأداء يُعد منطقيًا من حيث الفكرة، ويُعتبر وسيلة عادلة لتقدير إنجاز الموظف وتحفيزه على التميز، موضحاً أن عدالة هذا التقدير تعتمد إلى حد كبير على دقة التقييم وجودة وكفاءة معاييره، إضافة إلى نزاهته وبعده عن أي تمييز أو استخدام لمعايير خارجة عن النطاق الواقعي والصحيح.

وحول دور العلاوة السنوية في تعزيز الالتزام والانتماء في بيئة العمل، أكد الحامدي أن لها أثرًا ملموسًا في تعزيز شعور الموظف بالانتماء لجهة عمله والإخلاص لها، باعتبارها مكافأة مستحقة تُمنح مقابل الجهد والتميّز، مضيفًا أنَّ ذلك يُشعر الموظف بقيمته ويُعزز إحساسه بأنه جزء مهم من نجاح المؤسسة وعضو فاعل في تحقيق أهدافها السنوية وطويلة المدى.

وفيما يتعلق بالعناصر التي ينبغي أن يُبنى عليها منح العلاوة السنوية لضمان العدالة بين العاملين، أشار الحامدي إلى أنَّ العلاوة يجب أن تُمنح وفق معايير واضحة وشروط محددة قابلة للقياس، بعيدًا عن الوحدات العامة أو المعايير الفضفاضة. مضيفاً أن من بين هذه المعايير: تحقيق الأهداف السنوية على مدار العام، والالتزام بنظام التحسين المستمر الذي يُبرز الموظف كقيمة مضافة للمؤسسة، فضلًا عن احترام القوانين المهنية والأخلاقية، والعمل بروح الفريق الواحد داخل المنظومة المؤسسية.

يعقوب الحامدي.jpeg
 

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة