سالم بن نجيم البادي
أتكلم هنا بصيغة الجمع لأنني أتحدث عن ثلة من أقربائي من أهل عمان وأنا أحدهم وأعداد كبيرة غيرنا من عُمان الذين درسوا في دولة الإمارات وتحديدا في مدينة العين من الصف الأول الابتدائي وحتى أنهينا دراستنا الجامعية في جامعة الإمارات العربية المتحدة.
مدينة العين قريبة من منطقتنا في عُمان، بحيث يمكن الذهاب إلى عمان في إجازة نهاية الأسبوع والعودة إلى العين مرة أخرى. تنقلنا بين مدارس مدينة العين أنس بن مالك والنهيانية وخالد بن الوليد والإعدادية الجديدة ومدرسة زايد الأول، وسكنّا في مناطق مختلفة مثل النيادات والصاروج ومنطقة كندي، كما كانت تسمى في ذلك الوقت، والمعترض والخبيصي ومنطقة نعمة. ومدينة العين صارت في عهد الشيخ زايد جنة خضراء تفوح في أرجائها رائحة الورود والأزهار، خاصة في الليل والصباح الباكر مع تخطيط عمراني مدروس ومذهل ورائع، حتى صارت وكأنها تحفة فنية أو جوهرة زرعت على أطراف الصحراء.
هذه العين التي صارت عشقنا الأبدي وقد أحببنا الشيخ زايد حبًا جمًا والشيخ زايد يمتلك الكاريزما التي تجعل كل الناس يحبونه، كنَّا نتابع أخباره عبر التلفاز والصحف ونعرف أين هو وفي أي القصور يسكن، ونتابع رحلاته إلى الخارج، وحين يستقبل الضيوف، وحين يجوب دولة الإمارات عرضا وطولا يتفقد المشاريع ويتابع العمل، وحتى قصائده التي هي "درر إلى الشعب"، وهذا اسم ديوان شعره وكلماته وخطبه التي كانت تلقائية ومرتجلة في أغلب الأحيان، وكانت قصائده مثار إعجابنا لدرجة أننا كنَّا نحفظها ونرددها.
الشيخ زايد شخصية عالمية فذة وفريدة ويعد من الزعماء القلائل الذين خلدهم التاريخ- رحمه الله- ثم قاد المسيرة بعد الشيخ زايد الشيخ خليفة بن زايد- رحمه الله- والآن الشيخ محمد بن زايد الذي يحل هذه الأيام ضيفًا عزيزًا وكريمًا وغاليًا على بلدنا.
وفي الإمارات قرأنا صحف الاتحاد والوحدة والفجر والخليج والبيان، وكانت أحب الأماكن إلينا المكتبات، وخاصة مكتبة القدس أشهر مكتبة في مدينة العين في ذلك الوقت، ثم مكتبة الشيخ زايد لاحقًا، التي كانت وما زالت منارة علم وتستضيف فعاليات أدبية مختلفة وندوات وشعراء وكتاب وأدباء وعلماء ودعاة ومشاهير. وعشقنا الأدب والشعر في تلك البيئة التي تشجع على حب القراءة والثقافة والاندماج في المجتمع الإماراتي الذي تتشابه فيه العادات والتقاليد مع المجتمع العماني، وكنا نحضر الأعراس والمناسبات المختلفة ومباريات كرة القدم خاصة مباريات نادي العين الزعيم. ومن شعراء الشعر الشعبي في الإمارات الماجدي بن ظاهر وهو شاعر قديم وراشد الخضر والجمري وابن سوقات ومانع سعيد العتيبة الذي ينظم الشعر الشعبي والفصيح وراشد شرار وربيع بن ياقوت وغيرهم، ممن لا يتسع المجال لذكرهم من شعراء الشعر الشعبي. ومن الأدباء محمد المر وعلي أبو الريش وسعيد سالم البادي وغيرهم كثر، ومن شعراء الشعر الفصيح كريم معتوق وظبية خميس وغيرهم إنها حياة ضاجة بالنشاط والحيوية والعلم.
وحتى الطقس في العين يكون لطيفًا في الشتاء وعند نزول المطر وهبوب رياح عذبة والتنزه في الرمال القربية من مدينة العين أو على سفح جبل حفيت الشامخ وفي الصيف تساهم الأشجار المزروعة بكثافة في التخفيف من حدة الحرارة.
دولة الإمارات التي شكّلت نواة الوحدة العربية، سبع دانات انتظمت في عقد واحد متين ومترابط إلى الأبد. والإمارات جميلة كلها، وحلوة وسمعتها طيبة في كل العالم، وعند كل الشعوب، وتعد من أكثر بلدان العالم تطورا وهي الحلم الذي يُداعب خيال الحالمين بالرفاهية وفرص العمل والأمن والأمان والسلام والتعايش الديني.
إنها الإمارات التي نحب، أبوظبي ودبي والشارقة وعجمان ورأس الخيمة وأم القيوين والفجيرة.
واليوم.. يتجدد العشق لدولة الإمارات مع زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد القائد المحبوب والمُجدد الذي بقدومه إلى بلدنا تترسخ العلاقات بين عمان والإمارات أكثر فأكثر، ويكبر الحب بين الأشقاء في سلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة.. فمرحبًا وأهلًا وسهلًا بصاحب السُّمو الشيخ محمد بن زايد، في وطنه وفي ضيافة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق أيده الله.