طالب المقبالي
عقب كل مقال أنشره، أتلقى مئات ردود الأفعال تجاه المقال الذي كتبته في موضوع ما يهم المجتمع، وعادة ما تكون ردود الأفعال متباينة بين مؤيد ومعارض، عدا مقالي بعنوان "الباحثون عن عمل إلى أين؟ فإن هذا المقال أخذ بعدًا كبيرًا، وانتشر بين الناس انتشارًا واسعًا، فكل الردود كانت مؤيدة لما جاء في المقال، وبعض الردود لا أستطيع نشرها أو التعليق عليها؛ لأنها جاءت نتيجة مرارة وحرقة في القلب، فبعض أصحاب تلك الردود ذكروا أن أولادهم قد أمضوا ست سنوات وأكثر دون أن يحالفهم الحظ في الوظيفة، رغم المبالغ الباهظة التي أنفقتها الحكومة لتدريسهم في الخارج ونيلهم مستويات راقية ومميزة، وكذلك المبالغ التي أنفقوها في تدريس وتأهيل أبنائهم لمن لم ينالوا فرصة الدراسة على نفقة الحكومة.
تقول إحدى التربويات وهي من حملة الدكتوراة:
أخيرًا، أحد تكلم في هذا الجانب، فابنتي سوف تدخل عامها السادس بعد البكالوريوس، فلا وظائف حكومية ولا في القطاع الخاص ولا ينشر إعلان عن وظائف إلا وسجلت فيه، ولكن ما باليد حيلة، وكذلك بنات أخي قابعات في البيت رغم مرور سنوات على تخرجهن من جامعة السلطان قابوس. ومن الردود أيضًا يقول أحدهم:
موضوع الباحثين عن العمل طال انتظاره وفي كل تغيير في المسؤولين في وزارة العمل تكون هناك آمال كبيرة لدى الباحثين عن العمل في حل مشكلتهم والتخلص من القائمة الطويلة ولكن هذه الآمال سرعان تبقى في ذهن الباحث عن عمل ويبقى السيناريو مثل ما هو عليه وربما أسوأ عما هو عليه في السابق، الاشتراطات التعجيزية في تنامٍ للأسف الشديد.
ويقول أحد الردود من أحد التقنيين المتخصصين:
المشكلة هنا عدم التكاملية بين الجهات ذات الاختصاص سواءً وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة العمل والجهات الأخرى للنظر إلى احتياجات سوق العمل والبحث عن وظائف قبل تخرج الطالب، هناك حلول كثيرة مثل تدريب المتخرجين وأصحاب المواهب كلٌّ في مجاله وأي مؤسسة سواءً حكومية أو خاصة تبحث عن موظف فهو موجود متدرب وجاهز للعمل ويبقى التنسيق مع الجهات المعنية وإعطاء الاهتمام والأهمية؛ لأن ذلك ينعكس على الوطن والمواطن بالإيجاب.
فعمر الباحث عن عمل يمضي وتهدر طاقته ومهاراته وأحلامه، مما يرهق كاهل الآباء والأمهات في التفكير بمستقبل أبناءهم وبناتهم، أما مجال تقنية المعلومات-ما شاء الله- خريجون كُثر في هذا المجال ومبدعون كل حسب قدراته ومهاراته، وأتمنى تتبناهم مؤسسة معينة وتدربهم وتهيئهم لسوق العمل، وهنا يأتي دور التعمين في الوظائف التقنية وحل الوافدين وخاصة في هذا المجال لما قد يترتب عليه من الخصوصية وحساسية المعلومات.
وهذا رد من الردود تلقيته من رجل تربوي يقول:
مقال في الصميم والوضع جدًا خطير.. للمرحلة المقبلة، نعم، ضاعت أعمار الشباب في الانتظار لعلها تجد بصيص أمل ولكن دون جدوى، فالعمر يمضي سريعًا وحال الشباب اليوم وغدًا كحالهم بالأمس، والسؤال الذي سيظل يطرح نفسه.. أين تكمن الحلول لهذه المعضلة في بلد ليس بذاك التعداد وذا اقتصاد جيد؟
وهذا رد من الردود تلقيته من أحد رجالات الصحافة والإعلام يقول:
وضعت أناملك على الجرح الذي ينزف دمًا، والقلب الذي يرتجف حسرة، شيخي العزيز طالب، لقد شخَّصت المرض، والأحوال تسوء.. الله يكون في عون شبابنا.
وهذا من بين الردود من أحد الكتاب الصحفيين:
مسلسل الباحثين عن عمل، هاجس يؤرق المجتمع بشكل عام والأسر بشكل خاص، وللأسف الشديد بعض المسؤولين في الحكومة لا يلتفتون إلى هذا الملف، ولا يعيرون للعواقب التي قد تحدث، وربما تأثيرها يؤثر على أمن واستقرار المجتمع إذا استغل من قبل أجندة خارجية.
وهنا أضرب مثلا آخر لكنه مختلف، فولدي خريج هندسة بترول وغاز من عام 2017 بعد دراسة دامت 5 سنوات غربة، وحاليًا يعمل في المملكة العربية السعودية منذ شهر نوفمبر من عام 2018 في شركة أجنبية تعمل في قطاع النفط السعودي وبراتب أقل ممن يتقاضونه في عمان بنفس درجته ونفس تخصصه، فبعد أن تعذر الحصول على وظيفة في بلده، بحث ووجد هذه الوظيفة رغم قلة الراتب والإجازة المتعبة، حيث يداوم ثمانية أسابيع وإجازته أربعة أسابيع، وفي أحيان يصل عمله إلى عشرة أسابيع إذا اقتضى العمل ذلك، وعندما يريد التسجيل في عمان بوظيفة تتوفر لها الشروط وتناسب تخصصه يطلبون منه ورقة الاستقالة؛ لأنه مسجل في التأمينات الاجتماعية بأنه يعمل ويدفع مساهمة التقاعد.
وهذا رد من أحد المسؤولين في إحدى الوزارات سابقًا يقول:
هذا الملف يفترض أن توليه الحكومة جل اهتمامها وأولوياتها، مع تدفق عدد الخريجين سنويًا الذي لا يتناسب مع عدد فرص العمل المطروحة، ويبقى الحل هو الإحلال وحظر العديد من المهن على الأجانب.
وهذا رد من أحد كبار الكتاب والصحفيين يقول:
هذه مشكلة موضوعية في مشروع التنمية، وهي متجذرة منذ بداية وصول أفواج الخريجين. ولأنه لا يوجد تخطيط استراتيجي جاد لمعالجة هذه المشكلة، فالمسألة مرشحة للتفاقم. والرهان على القطاع الخاص رهان خاسر والسبب أن معظم الشركات الكبيرة شركات عائلية، والبقية صغيرة متحكم فيها صاحبها "المستثمر الوافد" المنتصر لبني جلدته، مستغلا مجموعة ثغرات في بعض القوانين.
والقرار الحكومي فيما يخص الرواتب (مرة خفض ومرة زيادة، ومرة مفتوح) لأن الراتب غير مشرع، والأسباب كثيرة ومستمرة.
وتستمر قضية الباحثين عن عمل، وتستمر معها الآمال مفتوحة، والعمر يمضي، وتكبر الأجيال بانتظار الفرج الذي نأمل أن يأتي يومًا، فالحلول المطروحة الآن بحاجة إلى إعادة نظر في ظل تزايد مخرجات التعليم سنويًا بأعداد كبيرة، والتوظيف يسير بوتيرة دون المتوقع.