الازدحام ونقص الخدمات الأساسية من أبرز تحديات السائحين

وادي دربات ينتظر التطوير.. ومواطنون: موقع سياحي وبيئي فريد يستحق الاهتمام

 


 

 

◄ العمري: ممارسات سلبية تشوه المظهر الحضاري للموقع.. والتوعية خير سلاح

◄ البلوشي: نقترح طرح مشروع التطوير أمام الاستثمار وعدم انتظار التمويل الحكومي

◄ الحوسني: زيادة أعداد الزوار لا تُقابل بتطوير يواكب النمو السياحي

◄ الشنفري: الموقع يحتاج إلى طرق جديدة وجلسات للشباب والعائلات

 

الرؤية- ريم الحامدية

 

يُطالب عدد من المواطنين والزوار بضرورة تطوير وادي دربات بما يواكب الإقبال السياحي الكبير الذي يشهده خلال موسم الخريف، مؤكدين أن الازدحام ونقص الخدمات الأساسية يشكلان أبرز التحديات أمام تجربة الزائر. وأشاروا إلى أن الموقع، بما يملكه من مقومات طبيعية خلابة ومشهد بيئي فريد، يستحق بنية أساسية متكاملة وخدمات نوعية تعكس مكانته وتُلبي تطلعات مختلف الفئات من السياح المحليين والخارجيين؛ بما يضمن استدامة جماله وحمايته من التلوث والضغط البيئي.

وقال الدكتور أحمد العمري إن وادي دربات يعد تحفة طبيعية تجسد سحر ظفار؛ حيث يجمع بين النهر والشلالات الجبلية والكهوف الغامضة والغابات الاستوائية، ويقع بين ولايتي طاقة ومرباط ويصب في خور روري (ميناء سمهرم التاريخي) المتصل ببحر العرب، مما يخلق مشهدًا طبيعيًا فريدًا.

د.أحمد العمري.jpeg
 

 

وأوضح أن الوادي يشهد تكثفًا في الزيارات خلال موسم الخريف من نهاية يونيو إلى سبتمبر من كل عام؛ حيث يجري شلال الوادي بارتفاع 100 متر ليتحول إلى شلالات متساقطة، وتنطلق العين المائية لتشكّل البحيرات، فيما تكتسي المنطقة بالمسطحات الخضراء. وبيّن أن أبرز شلالاته هو شلال جعفر الذي يتدفق من منحدر جبلي هادئ، وتضم مسطحاته الخضراء غابات من أشجار السدر والصبّار والنارجيل، إضافة إلى البساتين والممرات المائية، كما تعيش فيه حيوانات برية متنوعة وتنتشر الطيور حول البحيرات.

وأضاف العمري إن أي زائر لمحافظة ظفار ستكون زيارة وادي دربات من أولويات برنامجه السياحي، مؤكدًا أن من لم يزر دربات فكأنه لم يزر ظفار، لكنه أشار إلى أن هناك تحديات عديدة، أهمها ضرورة الارتقاء بالخدمات إلى مستوى السياحة العالمية، وهو ما يتطلب تضافر الجهود وتوحدها لتقديم أفضل الخدمات وأسهل تنظيم ممكن. وأوضح أن جميع الجهات تبذل قصارى جهدها، إلّا أن التنمية السياحية تتطلب المزيد من العمل لمواكبة ارتفاع المتطلبات عامًا بعد عام.

معضلة الازدحام

وبيّن العمري أن الازدحام يعد معضلة كبيرة، مشيرًا إلى الطوابير الطويلة الممتدة والمتجهة نحو الوادي، وقال إن ازدواجية الطريق المؤدي إلى دربات قد تكون حلًا، لكنها ليست في المتناول حاليًا، وأوضح العمري أنه من المستطاع حاليًا العمل على فتح منافذ أخرى إلى دربات، حيث يوجد منفذ ترابي في الضفة الشرقية وآخر في الضفة الغربية، مؤكّدًا أنه لو جرى رصف هذين المنفذين؛ فسيكون هناك 3 مداخل للوادي بدل المدخل الوحيد الحالي، وهو ما سيُخفِّف الزحام بشكل كبير.

ويهيب العمري بقاطني المحافظة عدم مزاحمة الزوار وانتظار انتهاء فترة الذروة لزيارة الوادي؛ إذ إن بإمكانهم الاستمتاع به على مدار العام. وانتقد العمري بعض الممارسات السلبية مثل رمي المخلفات، واستخدام الدراجات النارية، والتفحيط على المسطحات الخضراء، واصفًا إياها بالتصرفات "المشينة والمعيبة" التي لا يقوم بها إلا ضعاف النفوس. ودعا العمري إلى إقامة أسوار حول هذه المسطحات والسماح للراجلين فقط بالدخول إليها.

وأكد العمري أهمية البنية الأساسية لأي مزار سياحي، لافتًا إلى أن السنوات الأخيرة شهدت زيادة في هذه المشاريع، وأن القادم أفضل، مضيفًا: "لا نطالب بالمثالية، ولكن نرجو توفير الخدمات الضرورية والمهمة التي لا غنى عنها".

واختتم العمري بالقول: إن وادي دربات يزخر المقومات الطبيعية ما يؤهله لأن يُشدّ له الرحال من كل بقاع الأرض، وهو أيقونة السياحة العمانية في ظفار، مشددًا على ضرورة أن يكون في أبهى صورة لاستقبال زواره، وهو ما يتطلب تكامل الجهود بين الجهات المختصة. وأشار إلى أن هناك أفكارًا لتطوير الوادي كانت على وشك التنفيذ، لكنها واجهت اعتراضات في السابق، مؤكدًا أن مسببات الاعتراض قد انتهت، معربًا عن تفاؤله بأن القادم سيكون أفضل.

وجهة سياحية

من جانبه قال إسماعيل البلوشي إن وادي دربات يُعد إحدى أبرز الوجهات السياحية في محافظة ظفار، مشيرًا إلى أن صلالة باتت تأخذ منحىً سياحيًا عالميًا بكل المقاييس، ويأتي الوادي في صدارة هذه المقاصد بما يمتاز به من خضرة نادرة، ومياه دافقة، وطبيعة آسرة تجذب الزوار من داخل السلطنة وخارجها.

إسماعيل البلوشي.jpeg
 

وأوضح البلوشي أن هذا الجمال يرافقه تحدٍّ حقيقي يتمثل في الازدحام الشديد وصعوبة الدخول والخروج من الوادي عبر الطريق الحالي، لافتًا إلى أن المقترح الذي يراه مناسبًا هو تخصيص الطريق الحالي للدخول فقط، مع شق طريق متعرج جديد يصعد عبر الجبال ليصل إلى قمة مطلة على الوادي، يمكن أن تُقام فيها منشأة سياحية عالمية تضم نزلًا بسيطًا وفندقًا متوسطًا وجلسات متنوعة تلائم مختلف الفئات.

وأضاف البلوشي إن الطريق الجديد يمكن أن يكتمل بانحداره إلى جهة أخرى ليغادر الزائر من مسار مختلف دون العودة للطريق السابق، مما يسهّل حركة الدخول والخروج، ويُنظّم الحركة السياحية، ويسهم في إنعاش الاستثمار. وشدد على أهمية تزويد هذا الطريق بالخدمات الأساسية مثل دورات المياه، ومواقع البيع، والمقاهي التي تناسب الذوق العام، بالإضافة إلى مواقف سيارات واسعة في أعالي الجبال لتكتمل التجربة السياحية الراقية لهذا الوادي الفريد.

وبيّن البلوشي أن من المجحف أن تبقى المساحة الحالية هي كل ما يُقدَّم للسياحة في الوادي، خاصة فيما يتعلق بالمواقف، مؤكدًا أن أي فكر لا يرتقي إلى شق الطريق نحو الأعلى وتوفير مساحات مناسبة للمرور والوقوف لن يحقق نقلة حقيقية، في ظل ما يشهده الوادي من شهرة عالمية.

وأشار البلوشي إلى أن تنفيذ هذا المشروع لا يتطلب بالضرورة تمويلًا حكوميًا مباشرًا؛ بل يمكن أن يتم من خلال استثمار متخصص، بحيث تُمنح قطعة أرض مناسبة مقابل إنشاء النزل أو المقاهي العالمية، مما يختصر الوقت إلى درجة يمكن معها ملاحظة أثر المشروع في العام المقبل.

نقص الخدمات

أما علي الحوسني فقد أكد أن من أبرز التحديات التي يواجهها الزوار في وادي دربات خلال موسم الخريف الازدحام المروري الشديد وصعوبة إيجاد مواقف منظمة للسيارات، إضافة إلى نقص بعض الخدمات الأساسية كدورات المياه ونقاط الإرشاد. وأوضح أن الجهود الحالية في النظافة والحضور الأمني ملموسة، لكنها لا تزال بحاجة إلى تعزيز من خلال تحسين البنية التحتية وتوزيع الخدمات بشكل أوسع لضمان تجربة سياحية آمنة ومريحة للجميع.

علي الحوسني.jpg
 

وأضاف الحوسني إن الازدحام الشديد والممارسات غير المسؤولة، مثل رمي المخلفات أو قيادة الدراجات النارية في المناطق الحساسة، تؤثر سلبًا على البيئة الطبيعية للوادي وتشوّه صورته السياحية، لافتًا إلى أن هذه التصرفات تضر بالنظام البيئي وتؤثر على جمالية المكان. وبيّن أنه للحد من هذه الظواهر يمكن فرض غرامات فورية على المخالفين، وتخصيص مسارات آمنة ومحددة للدراجات النارية، إضافة إلى تكثيف حملات التوعية الميدانية، والاستعانة بفرق تطوعية أو رقابية ترشد الزوار وتحافظ على النظام دون فرض قيود تحدّ من تدفق السياح.

وأشار الحوسني إلى أن السبب الرئيس لغياب بعض الخدمات في وادي دربات هو أن الاستعداد لموسم الخريف لا يواكب حجم الإقبال الفعلي، إذ يزداد عدد الزوار عامًا بعد عام بينما تبقى البنية التحتية والخدمات على حالها دون تطوير يذكر. وأوضح أن الوادي يفتقر إلى مواقف منظمة كافية، ودورات مياه موزعة بشكل مناسب، فضلًا عن قلة نقاط الإرشاد. وأكد أن الجهات المعنية، سواء كانت البلدية أو وزارة السياحة، مطالَبة بالتعاون مع القطاع الخاص لتوفير هذه الخدمات بشكل دائم لا موسمي، بما يليق بمكانة الوادي وجماله الطبيعي.

واختتم الحوسني حديثه بالتأكيد على أن تحويل وادي دربات إلى وجهة سياحية مستدامة يتطلب وضع خطة إدارة متكاملة تراعي التوازن بين الحفاظ على البيئة وتقديم خدمات متطورة، بما يتوافق مع توجهات رؤية "عُمان 2040 " التي تركز على تنويع الاقتصاد وتعزيز السياحة كقطاع واعد مع الحفاظ على الموارد الطبيعية. وأضاف إن ذلك يمكن تحقيقه عبر تحديد الطاقة الاستيعابية للموقع، وتنظيم مسارات المشاة والمركبات، وتوفير بنية تحتية صديقة للبيئة كدورات مياه تعمل بالطاقة الشمسية، وإنشاء مناطق خدمات بعيدة عن المناطق الحساسة بيئيًا. كما دعا إلى إشراك المجتمع المحلي والقطاع الخاص في إدارة وتشغيل هذه المرافق، مؤكدًا أن الجهود الحالية في تطوير الوادي وتحسين خدماته لا تُنكر، لكن الطموح دائمًا هو الارتقاء به ليصبح وجهة سياحية متكاملة ومستدامة للأجيال القادمة.

تطوير لا مناص منه

من جهته، قال أحمد الشنفري إن موسم خريف ظفار يصل خيره إلى كل ربوع عُمان، ويمتد أثره الإيجابي إلى دول الخليج عامة، حيث تستفيد منه شركات الطيران، ومحطات الوقود، والمطاعم، والفنادق، إضافة إلى الرسوم الجمركية والحكومية. وأوضح أن هذا ما يجعل الحرص على تنمية وتطوير هذا الموسم أمرًا بالغ الأهمية، فيما يعد تنظيمه أكثر أهمية حتى تعود عوائده المالية على أبناء الوطن بشكل خاص.

أحمد الشنفري.jpeg
 

وأضاف الشنفري أن العودة بالذاكرة إلى العام 2010 تكشف أن الرؤية الحكيمة للسلطان قابوس بن سعيد -رحمه الله- سبقت كل رؤية أخرى؛ حيث صدرت أوامر سامية بتطوير وادي دربات، وأعلن عنها آنذاك الشيخ عبدالله الرواس، وزير البلديات سابقًا، بمبلغ تجاوز 7 ملايين ريال عُماني في ذلك الوقت. وبيّن أن المشروع واجه عقبات حالت دون تنفيذه، لكن من المهم اليوم تجاوز تلك العقبات والتركيز على الحاضر، والعمل على وضع تلك الأوامر السامية موضع التنفيذ.

وأشار الشنفري إلى أن وادي دربات لم يعد وجهة محلية فقط، بل أصبح وجهة سياحية عربية يقصدها أهل الخليج والسياح من مختلف الدول، إلا أن التوجه إليه اليوم بات أمرًا ثقيلًا على النفس بسبب الازدحام الشديد، مؤكّدًا أنه ما إن يصل الزائر إلى الوادي حتى ينسى عناء الرحلة لما يراه من جمال طبيعي.

وأكد الشنفري ضرورة العمل برؤية طموحة لتطوير وادي دربات، تتضمن إنشاء طرق جديدة، وأفلاج مستمرة الدفع، وشلالات دائمة، وممرات خشبية، وإنارة واسعة، وجلسات مخصصة للعائلات والشباب، وزراعة أشجار ملائمة للبيئة، على أن تتبعها مستقبلًا إقامة فنادق سياحية توفر وظائف للشباب وفرصًا لرواد الأعمال. وختم بالقول إنه يأمل أن يرى هذه المشاريع قريبًا بأوامر سامية من لدن جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه.

 

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة