المواطن في زمن الغلاء

علي بن بدر البوسعيدي

لم يكد العالم يتنفس الصعداء من التداعيات التي خلفتها جائحة كورونا على مختلف القطاعات ومجالات العمل، حتى تلقى صدمة أكبر وأكثر تأثيرًا، وهي زيادة مؤشرات التضخم وارتفاع أسعار السلع والخدمات، ونحن هنا في عُمان ورغم كل الجهود المبذولة، إلا أن المواطن العماني لم ينجو من براثن الغلاء التي توغلت في كل شيء، من أصغر سلعة إلى أكبرها، بلا استثناء.

وحقيقة الأمر أن المواطن في وطني العزيز عُمان، تحمل الكثير خلال السنتين الماضيتين، فخلال مرحلة الإغلاقات التي فرضتها الجائحة فقد الكثيرون وظائفهم بسبب إفلاس الشركات وعدم قدرتها على ممارسة أعمالها، وتوقف أنشطة اقتصادية بالكامل، وهو ما تسبب في ضغوط هائلة على الأُسر والأفراد، وشاهدنا زيادة في أعداد القضايا المرفوعة على أصحاب الديون والمقترضين، خاصة أصحاب الأعمال، وهناك من باع كل ما يملك للخلاص من شبح السجن.

ونتيجة للمتغيرات العالمية ورغم الجهود التي اتخذتها العديد من الدول لتعزيز التعافي الاقتصادي في مرحلة ما بعد كورونا، جاءت الحرب الروسية الأوكرانية لتفاقم من الأزمة العالمية، وتتسبب في توقف سلاسل الإمداد والتوريد لأهم السلع الغذائية في العالم، الأمر الذي أضر كل دول العالم، ومنها سلطنة عمان.

وللأسف زادت أسعار كل السلع والخدمات، ولم يعد الكثير من المواطنين قادرين على تحمل موجة الغلاء المستشرية والتي تؤثر بالسلب على جميع الأسر، وخاصة الأسر ذات الدخل المنخفض والمحدود، ناهيك عن أسر الضمان الاجتماعي الذين يعانون الأمرين، تحت وطأة الضرائب المفروضة على السلع والخدمات، ما أدى إلى تضاعف قيمتها في بعض الأحيان.

هنا نؤكد أهمية أن تتدخل مؤسسات الدول لكبح جماح ارتفاع الأسعار، فأي زيادة في سعر أي سلعة أو خدمة تؤثر بشدة على المواطن المستهلك الأخير، وتقلل من قوته الشرائية، ومن ثم تتسبب في حالة ركود عامة بالأسواق. نناشد هيئة حماية المستهلك ضرورة التدخل لمواجهة أي تلاعب بالأسعار، خاصة بعدما جاءت الأوامر السامية من لدن جلالة السلطان المفدى- أيده الله- بإعفاء المزيد من السلع الغذائية من ضريبة القيمة المضافة. ونحث المستوردين كذلك على تقليل هوامش الربح حتى لا تزيد سعر السلعة في الأسواق، رأفة بالمستهلكين.

أيضًا من بين الحلول المقترحة لخفض الأسعار، تدشين الجمعيات التعاونية الاستهلاكية، وتقديم المنتجات العمانية ذات الجودة العالية فيها بأسعار منخفضة، وفي الواقع لا أعلم ما السر وراء تعطيل إنشاء هذه الجمعيات، أو عرقلة الجهود الساعية إلى وضع تشريعات منظمة لها؟!

إنني أناشد الجميع، مؤسسات أفرادا، ضرورة مساعدة المواطن في مواجهة الغلاء الشديد الذي بات الكثيرون يئنون تحته، وأن نعمل على مد يد العون لكل من ضاقت به السبل، وفي النهاية سيعود ذلك بالخير والنفع العميم على وطننا الحبيب.