أوكرانيا تتحدث عن "استعادة قرى" من القوات الروسية عبر "هجوم مضاد".. والمخابرات الأمريكية: الحرب وصلت إلى "طريق مسدود"

◄ أمريكا تتهم روسيا بشن هجمات إلكترونية لتعطيل الإنترنت في أوكرانيا

◄ "منظمة الصحة": وفاة 3000 بأوكرانيا لعدم حصولهم على العلاج من الأمراض

 

خاركيف (أوكرانيا)- رويترز

قالت أوكرانيا أمس إن قواتها استعادت عددا من القرى من القوات الروسية شمال شرقي خاركيف، مواصلةً شنَ هجومٍ مضادٍ يمكن أن يكون بداية تحول في قوة الدفع في الحرب ويقوض التقدم الروسي الرئيسي.

وأكدت تيتيانا أباتتشينكو المتحدثة الصحفية باسم اللواء الميكانيكي الخاص الثاني والتسعين، وهو القوة الأوكرانية الرئيسية القريبة من خاركيف، أن القوات لأوكرانية استعادت المناطق السكنية تشركاسكي، وتيشكي، وروسكي تيشكي، وبورشتشوفا، وسلوبوجانسكه في جيب شمالي خاركيف في الأيام الماضية. وقال يوري ساكس، وهو مستشار لوزير الدفاع أوليكسي ريزنيكوف، إن هذه النجاحات تبعد المدفعية الروسية عن مدى قصف أجزاء من خاركيف، ثاني أكبر مدينة أوكرانية، والتي تعرضت للقصف منذ الأيام الأولى للحرب. وقال ساكس لرويترز "العمليات العسكرية للقوات المسلحة الأوكرانية حول خاركيف، خاصة شمالي وشمال شرقي خاركيف، نوع من قصة نجاح". وأضاف "تمكن الجيش الأوكراني من دفع مجرمي الحرب هؤلاء إلى خط وراء مدى مدفعيتهم".

ويمكن أن يكون الهجوم المضاد مرحلة جديدة في الحرب لأنه يأتي بعد أسابيع شنت روسيا خلالها هجوما ضخما أوقفته القوات الأوكرانية في معظمه. وبدفع القوات الروسية إلى الوراء بعد أن احتلت ضواحي خاركيف منذ الأيام الأولى للحرب ينتقل الأوكرانيون إلى مسافة تسمح لهم بضرب خطوط الإمداد الروسية الخلفية ومواصلة إبعاد قوة الهجوم الروسية الرئيسية إلى الجنوب.

وقال نيل ميلفن من مركز روسي للأبحاث في لندن "يقترب الأوكرانيون من الحدود الروسية. وبالتالي فإن جميع المكاسب التي حققها الروس في الأيام الأولى من الحرب في شمال شرق أوكرانيا تتلاشى بشكل متزايد".

وتمثل الانتكاسة بالقرب من خاركيف ضربة لخطط موسكو الحربية في اللحظة نفسها التي تعتقد فيها العواصم الغربية أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يأمل في تقديم نصر كبير للروس في عطلة ذكرى انتهاء الحرب العالمية الثانية.

وفي الجنوب، وجهت القوات الروسية من جديد قصفا شديدا لمجمع آزوفستال للصلب في ماريوبول في محاولة للاستيلاء على آخر معقل للمقاومة الأوكرانية في المدينة المدمرة التي يقول الأوكرانيون إن عشرات الآلاف من سكانها لقوا حتفهم في الحصار والقصف الروسيين المستمرين منذ شهرين. وتم إجلاء عشرات المدنيين من مجمع الصلب في الأيام الماضية، لكن بيترو أندريوشتشينكو مساعد رئيس بلدية ماريوبول قال إن 100 مدني على الأقل ما زالوا في المصنع.

وقالت وحدة آزوف الأوكرانية الصامدة في آزوفستال على تيليجرام إنه خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية حلقت 34 طائرة روسية فوق المصنع من بينها ثماني طلعات لقاذفات استراتيجية. وأضافت أن المجمع تعرض للقصف من البحرية الروسية ومن الدبابات والمدافع والصواريخ.

وفي واشنطن، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إنه يشعر بالقلق من أن بوتين "ليس لديه مخرج في الوقت الحالي وأحاول معرفة ما سنفعله حيال ذلك".

وفي الأثناء، قال مسؤولان رفيعا المستوى بأجهزة المخابرات الأمريكية إن الحرب الروسية المستمرة منذ ثلاثة أشهر في أوكرانيا "وصلت نوعا ما إلى طريق مسدود"، ويبدو أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتأهب لصراع طويل الأمد. وقال اللفتنانت جنرال سكوت بيرير مدير وكالة المخابرات الدفاعية أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأمريكي "الروس لا ينتصرون والأوكرانيون لا ينتصرون... وصلت (الحرب) نوعا ما إلى طريق مسدود". وأضاف أنه حتى الآن قُتل ما بين ثمانية إلى عشرة جنرالات روس في الحرب الدامية.

وفي الجلسة ذاتها، قالت أفريل هينز مديرة المخابرات الوطنية الأمريكية إن الولايات المتحدة تعتقد أن النصر الروسي في دونباس بشرق أوكرانيا ربما لن يُنهي الحرب. وقالت "بحسب تقديرنا، يتأهب الرئيس بوتين لصراع طويل الأمد في أوكرانيا لا يزال ينوي خلاله تحقيق أهداف تتجاوز دونباس". وأضافت أن بوتين يعوّل على ضعف عزيمة الغرب بمرور الوقت ومع استمرار الصراع، مشيرة إلى أن القلق يدور حول كيفية تطور الصراع خلال الأشهر المقبلة. وقالت "في ظل حقيقة أن بوتين يواجه عدم تناسب طموحاته مع القدرات العسكرية التقليدية الحالية لروسيا... هذا يعني أن الأشهر القليلة المقبلة ربما تدفعنا للتحرك على مسار أكثر صعوبة فيما يتعلق بما يمكن التنبؤ به، وربما تشهد تصعيدا".

وردا على سؤال حول احتمال استخدام بوتين لأسلحة نووية تكتيكية، قال بيرير "في الوقت الحالي، لا نرى ذلك". وكانت هينز قد قالت إن أجهزة المخابرات تعتقد أن بوتين لن يأذن باستخدام الأسلحة النووية إلا إذا أدرك وجود تهديد وجودي للدولة الروسية.

وفي سياق آخر، قالت الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا والاتحاد الأوروبي إن روسيا تقف وراء هجوم إلكتروني ضخم على شبكة إنترنت عبر الأقمار الصناعية أدى إلى توقف عشرات الآلاف من أجهزة المودم في بداية الحرب بين روسيا وأوكرانيا. ووقع الهجوم الرقمي على شبكة "كيه.إيه- سات" التابعة لشركة فياسات في أواخر فبراير في نفس توقيت دخول المدرعات الروسية إلى أوكرانيا. وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إن روسيا شنت هجمات إلكترونية في أواخر فبراير على شبكات الاتصالات التجارية عبر الأقمار الصناعية لتعطيل القيادة والتحكم في أوكرانيا خلال غزو موسكو لجارتها. وقال الوزير الأمريكي في بيان إن آثار هذه الإجراءات الروسية امتدت إلى دول أوروبية أخرى. وأضاف أن الولايات المتحدة وحلفاءها وشركاءها يتخذون خطوات للتصدي للإجراءات الروسية. وتابع أن الولايات المتحدة طورت آليات جديدة لمساعدة أوكرانيا على تحديد التهديدات الإلكترونية والتخلص من آثار الحوادث الإلكترونية.

ومن جهة ثانية، قال هانز كلوج المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في أوروبا إن ما لا يقل عن ثلاثة آلاف شخص توفوا في أوكرانيا لعدم تمكنهم من الحصول على أدوية لعلاج الأمراض المزمنة. وأضاف كلوج، في اجتماع إقليمي حضره ممثلو 53 دولة عضوا بالإضافة إلى زملاء كبار من منظمة الصحة العالمية، أن المنظمة وثقت حتى الآن حوالي 200 هجوم في أوكرانيا على مرافق الرعاية الصحية، وأن عدد المستشفيات المستمرة في العمل قليل جدا. وأوضح في كلمة أن "40 بالمئة من الأسر لديها فرد واحد على الأقل بحاجة إلى علاج من مرض مزمن لم يعد بإمكانه العثور عليه، مما تسبب في ما لا يقل عن 3000 وفاة مبكرة كان من الممكن تجنب حدوثها"، مشيرا إلى أمراض مثل فيروس نقص المناعة المكتسب ( الإيدز) والسرطان.

تعليق عبر الفيس بوك