ناصر بن سلطان العموري
"كفو" برنامج بحريني ظهر على خارطة البرامج الرمضانية خلال شهر رمضان المنصرم، وصنفه الكثيرون على أنه من أفضل وأنجح البرامج البحرينية والخليجية؛ بل وحتى العربية، ونقطة قوته تكمن في فكرته المبتكرة، وأسلوب تقديمه المميز.
إنِّه برنامج يسلط الضوء ويلفت الانتباه لأناس وأشخاص قدموا وما زالوا يقدمون لوطنهم ومجتمعهم خدمات جليلة لا تُنسى، وهم من حقول شتى وفئات متنوعة، فما أحوج أمثال هؤلاء للتكريم، ولو بالشيء القليل، من ابتسامة صادقة تصحبها كلمات تشجيع محفزة، فما بالك إن كان هذا التكريم يُثلج القلب ويُبهج الفواد ويشرح الصدر. وهذا هو ما لمسناه في عيون ودموع المُكرَّمِين حينما تفاجأوا؛ بل وانبهروا بطريقة وأسلوب وفكرة التقديم. والحقيقة تقال إن برنامج "كفو" يعطي درسًا مجانيًا في كيفية تنفيذ وإعداد وتقديم البرامج الهادفة ذات الصبغة الجماهيرية، تلكم البرامج التي تدخل القلوب قبل العقول، وتظل خالدة في أذهان مشاهديها.. باختصار برنامج "أنت كفو" يستحق جائزة أوسكار البرامج العربية دون منازع.
وإذا أردنا أن نسقط ذلك على واقع البرامج المحلية لدينا، سنجد أن المحتوى المقدم من قبل مواقع التواصل الاجتماعي قد تفوق على نفسه؛ بل وحتى على دراما التلفزيون العماني وبرامجه من حيث الكم والكيف، والمادة الفنية المقدمة، وهنا لا أقلل من حجم ما تمَّ طرحه عبر الشاشة الفضية لدينا، لكنَّ هناك أعمالًا فنية بُثت عبر مواقع التواصل الاجتماعي كانت قريبة من المتلقي من حيث اللهجة المستخدمة أو الأفكار المقدمة أو حتى بيئة العمل نفسها، لكنْ للأسف خلت الساحة الفنية العمانية من أعمال تُصنَّف على أنها إبداعية أو ملهمة على غرار برنامج "كفو"، رغم امتلاء الساحة الفنية العمانية بمبدعين في شتى المجالات، ولا أعلم صراحةً هنا عن آلية الاختيار لدى التلفزيون العماني لمّا سوف يُبث للمشاهدين، وهل هناك تقييم واستفادة من تجارب الماضي ودراسة احتياجات ما يتطلبه واقع الحال من معالجة قضايا وطنية ذات صبغة عصرية؟!
المسألة قد لا تحتاج لموازنات ضخمة، وإنما أفكار مبتكرة مبدعة، والظاهر من خلال ما طُرح في شهر رمضان الماضي أن التلفزيون العماني ما زال يُصِر على تقديم البرامج المعتمدة على توزيع الجوائز النقدية والتي غالبًا يكون تمويلها من رسائل المشاركين أنفسهم. وكان من المستحسن لو قُدم برنامج وطني يُبرز رحلة كفاح الإنسان العماني الخالدة في مسيرة النهضة العمانية، عبر تكريم كل من كان سببًا في رُقي عُمان ورفعة سمعتها، فتراه قد يكون ذلك الجندي المرابط على الثغور، أو الطبيب الساهر على راحة مرضاه، أو رجل الشرطة الحريص على الأمن والأمان، أو المُعلم الأمين على طلابه الأخيار، وآخرون كثر ممن تزخر بهم عُمان بلد العطاء .
مثل هذه البرامج يمكن تقديمها في إطار تقدير الوطن والمواطن، عوضًا عن أن يتم إظهار جميع فئات المجتمع بشكل سلبي ويتم تعميم هذا الأمر؛ فالإعلام لمن يعلم ليس وسيلة لتقديم صورة معتمة عن المجتمع، وإنما واجبه أن يقدم ويعكس الصورة المشرقة للمجتمع، هذه الصورة التي يشاهدها الملايين من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، والخوف أن يؤثر ذلك على جيل الغد بفقدانه للهوية، نظرًا لما يشاهده من مواد درامية لا تقدم المحتوى المأمول.
رسالة إلى من يهمه الأمر.. استفيدوا مما يقدم حولكم من برامج ومواد درامية؛ فلا ضرر أن نبدأ من حيث انتهى الآخرون فمن لم يتقدم يتقادم.