مجمع محمد المالكي الأولمبي!!

 

 

المعتصم البوسعيدي

 

في كُلِ شبرٍ من عُمان حكاية؛ ذلك أن التاريخ مولود هُنا، والحضارات عاشت هُنا، والبطولات تحققت هُنا، وهُنا الماضي والحاضر، ومن هُنا ينطلقُ المُستقبل الجميل، فلماذا لا نعيشُ التاريخ واقعًا ونستثمرهُ حاضراً ومستقبلا؟ وكيف لا نبعثهُ للأجيالِ روحًا لا جثة هامدةً نبكي ونتباكى عليها.

الأرضُ جامدةٌ دون الإنسان، هذا المخلوق الذي وهبهٌ الله خلافة أرضه، وجعله مِشعل أمانته، فكان صانع أمجاد ومصدر فخر واعتزاز. وفي عُمان كان الإنسان- دائمًا- مُحرك الأشياء ومركز العقل والوعي، فتصدرَ مشاهد كثيرة عبرَ حِقَبِ التاريخ المُختلفة، ولا زالَ على ذلك الوعد والعهد وفي أكثر من صعيد.

إن الإنسان على قدرِ العطاء يحتاجُ للوفاء، وما أجمل الوفاء حينما يلامسهُ بنفسه، ويعيش تقديره وامتنانه، على أن الوفاء يأتي في صورٍ وأشكالٍ مُتعددة، ومعنا- للأسف الشديد- يندرُ ذلك؛ بل قد يصل الأمر إلى تقصيرٍ وإحباطٍ وصورةٍ عكسيةٍ فيها يُرمى بالقذى بدل الورود، ولنا في الرياضة "شر" مثال؛ رحل غلام خميس بعد أن بحت الأصوات، واعتزل من اعتزل دون احتفالاتٌ ومهرجانات، ومنهم من قضى نحبه في سكون، ومنهم من ذكر بعد الموت بالهمس والشجون، وذلك أضعف الإيمان!!

بالأمسِ رحلَ رجلٌ من رجالات الرياضةِ العُمانيةِ الشيخ سالم العلوي- رحمه الله- القامة الرياضية المعروفة علاوة على قامته التربوية في قطاع التعليم، وقبلهُ وبعدهُ آخرون وهي سنة الحياة التي لا مناصَ منها، إنما مع كل وفاةٍ تظهر السير المجيدة والمناقب المحمودة على الألسن الوفية دون أن نرى وفاءً حقيقيًا يُعطي الأحياء قبل الأموات حقهم، ومن ذلك- على الأقل- ما نشاهده في تسمية الجوامع والمساجد، فلم لا تكون البنية التحتية الرياضية مصدر وفاء وشكر وتقدير؟ أصعبٌ هو تسمية ملعب على اسم البطل محمد المالكي؟ أصعبٌ هو تسمية إستاد رياضي على اسم علي الحبسي؟ أصعبٌ هو تسمية مجمع رياضي أو مرفق من المرافق الرياضية على أسماء النجوم والأبطال؟ الأمر ليس مجرد تسمية بقدر ما هو وفاء وتكريم ورسالة مباشرة للأجيال عن القدوة والإلهام الرياضي.

إن الحاجة لبينةٍ تحتيةٍ رياضيةٍ جديدةٍ يُقابلها حاجة إلى جعلِها وسيلة لبثِ رسائل إيجابية، والبطل العُماني الرياضي يستحق ذلك بلا شك، على أن التكريم ليس حكرًا على الحكومة وإن كانت تتحمل النسبة الأكبر منه، بل يجب أن يأتي أيضًا  من قطاعات الرياضة المُختلفة كالأنديةِ والمؤسسات الخاصة والإعلام، ومن مُجتمعٍ رياضي يتفاعل مع بعضهِ البعض. فهل سنجد حقًا ملعب محمد المالكي الأولمبي، والمالكي بارك الله في عمره بيننا يتنفس ويشعر بذلك الإحساس الذي لا يوصف إلا بدموع الفخر والاعتزاز، وبأنه كان له أثر، فوثقناهُ بأثرٍ.