وعليكم السلام!

 

إسماعيل بن شهاب البلوشي

عُمان هذا المكون الرائع بتلك الحروف وعبر الزمن، أتت بمُسماها مفردة ردحًا من الزمن، وأتت مركّبة تسبقها أسماء زمن آخر، تقلبت معها الأيام بكل الألوان، كما هو علم سلطنة عُمان اليوم بين الخضرة الجميلة وبين المحل الذي ذكر بعض القدماء في أجزاء من عمان، أنهم اضطروا إلى إطعام الإبل الفحم بعد رشه بالماء حتى كان حليبها يخالطه السواد، عُمان بين السلم الذي قد لا ترى في أفقه خوفًا وبين جهادٍ كتب منه التاريخ النزر القليل وضاع منه الكثير.

عُمان التي كتبت يومًا في واحدة من قصائدي:

ما سكنّاها على ظل السحابة// ولا عزينا بغير حدبات النصالِ

ولأنها كذلك، فإنَّ عمق السمة والفخر العماني وعزته بذاته ووطنه وسلطانه تشبعت بذلك الشموخ والفخر، والتي بخلت الدنيا أن تعطي مثل ألوانه للكثير من التجمعات البشرية في أرجاء المعمورة وأحبوها وحموها وتمسكوا برمضاء صحاريها وببديع بساتينها الوارفة الظلال. ولأن وراء كل ذلك هو الإنسان العماني، فإن حضوره وشخصه وسمته وبصيرته متميزة ولا يمكن أن تكون إلا للشخصية العمانية. ومن هذا المنطلق أقفُ اليوم مشاركًا في تمعن ودراسة مستوى المسؤولين في الجوانب التنفيذية، فهل أنهم في جانب العلم والمعرفة والتاريخ والتعامل مع المهنة والتي هي فقط لمقتضيات وواجبات  المسؤولين للمسؤلية وواجهتها أم أنهم في الجانب الأهم من حيث التعامل مع الإنسان والذي هو ركيزة هذا الوطن، فهل هم على اطلاع بذلك؟ وهل أنهم على معرفةٍ ميدانيةٍ واسعة بشعور المواطن عن وزاراتهم وما تقوم به من إنجاز حقيقي وسرعة مناسبة؟ وهل ما تقدم جهاتهم أقصى ما يمكن أن يكون من طموح؟ هل يعلمون عمّا هو مهم إلى درجة الكفاف أو الغنى للأسر والمجتمع؟ وهل يعلمون أن بسببهم قد تضيع فرص كان يمكن أن تكون أكثر من مهمة في حياة الناس؟

هذه الجوانب على درجة كبيرة من الأهمية، غير أن هناك ما هو أهم بكثير، وهو التعامل مع من أراد أن يلتقي واحدًا من المسؤولين الذين عينهم جلالة السلطان- حفظه الله- فأولًا وبعيدًا عن كل اجتهاد، فإنه من المنصف تمامًا أن تكون هناك قوانين وتشريعات لا تجعل من أي موظف حكومي وعلى أي درجة أن مقابلة المواطن له تعد منّة أو تواضعًا أو إرادة شخصية، إنما ذلك قانون ملزم وبطرقٍ تحفظ حقوق الجميع. كما إن على ذلك الموظف أن يعلم علم اليقين إنما هو مُسيّر لمصالح الوطن والمواطن ولا يحمل شيئًا مختلفًا يرى من خلاله المواطن في صورة من يطلب الخدمة، إنما هو يطلب منك أداء واجبك تجاهه، وكذلك فإنَّ هناك أمرًا لا يقل أهمية وهو الاستماع لوجهات النظر والتي قد تأتي من مواطن له رؤية إيجابية مناسبة يكمن فيها الخير للجميع.

وأخيرًا.. فإنَّ رسالتي لكل من يحمل على عاتقه المسؤولية وجعل للوصول إليه مديرًا أو منسقًا إن رد التحية حتى لو كانت بالاعتذار هي واجب إسلامي وعربي وعماني، وإن من الثقة أن يكون رده على أي إنسان، وإلا فإنَّ المسافة والحدود بين المسؤول والمواطن ستتعمق إلى درجات غير مناسبة للجميع، وبذلك سنفقد واحدةً من أهم السمات والصفات التي تجمع بين أعلى مسؤول ومواطن يحقُ له أن يناقش ما يهمه بطرقٍ مباشرة ودون حواجزٍ اصطنعتها الأيام، ولم تكن يوماً من صفات المسؤولين، والتي كانت يومًا تحلُ في برزة الوالي والتي يمكن أن يحضرها أي مواطن دون تفرقة أو حدود أو حتى مواعيد؛ لذلك كانت عمان لمن لا يعرفها.