عقود بلا استقرار

 

‏راشد بن حميد الراشدي

عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية

 

كل يوم نرى فيه شيئاً جديداً يؤثر على أحلامنا، مثل القوانين التي تخرج بين عشية وضحاها وكأن الوظائفَ مِنّةٌ من الجهات والشركات المشغلة على المواطن الطموح والذي أمضى عمرًا في التعلم والنهل من ينابيع العلم؛ ليتخصص في المجال الذي أحبه واجتهد فيه وثابر للحصول على شهادة جامعية تُحقق حلمه وآماله التي رسمها.

فنظام العقود في العمل والذي صدم الجميع بسلبياته التي قتلت طموح الخريجين مع تدني الرواتب المقدمة ساهم كل ذلك في تعضيل المشكلة. فمع نظام العقود السنوية أصبح الموظف غير مستقر ويخضع تحت مظلة المدير والذي يقيّم الموظف وحاجة الشركة أو المؤسسة إليه، كما يجعل الموظف في قلق دائم على مستقبله الوظيفي وحياته عموماً من الفصل التعسفي والاستغناء عن خدماته، كما تفعل العديد من الشركات والمؤسسات اليوم في بعض القطاعات.

إن التوظيف الدائم للموظف الكُفء في القطاع العام والخاص من أفضل أنواع التوظيف والاستقرار في العمل مع وجود الأحكام الرادعة لمن يخل بعمله إنتاجًا واستهتارًا. والعمل بالعقود سوف ينشئ مشكلات وسلبيات كثيرة لا تخدم سوى الشركات والمؤسسات فقط، وذلك من خلال تسخير تلك العقود لصالحها في التفاوض مع الموظفين والضغط عليهم وفق مصلحتها المادية حسب أبجديات العرض والطلب، خاصة في الظروف الصعبة التي يعيشها الخريجون والباحثون عن عمل في صعوبة إيجاد العمل المناسب لهم؛ حيث بلغت مرتبات الخريجين 500 ريال للخريج الجامعي بعد أن كان 1000 ريال عماني قبل عامين من الآن.

إذن ما دامت مثل هذه المشكلات والسلبيات مصير مثل هذه القوانين، فلماذا يتم التمسك بها وإقرارها ونحن دولة ذات موارد كثيرة وتعداد سكاني قليل!

إنني أتعجب من عدم وجود آليات واضحة المعالم تنظم العلاقة بين الموظف ومؤسسته المنتمي إليها، وتسعى تلك الآليات والقوانين لاستقراره ومضاعفة إنتاجه في العمل الموكل له وتنميته وتطوير قدراته من أجل كسب المهارات التي يستطيع بها خدمة مؤسسته وتجويد إنتاجه.

حينها سنرى موظفين أكفاء يبذلون الغالي والنفيس من أجل نجاح مؤسساتهم وبناء الوطن بكل اقتدار وتفانٍ كما رأيناهم سابقاً مع الأخذ بمبدأ الأمانة في العمل والشغف الذي يولد الإبداع لا قتل الطموح منذ أول خطوات الخريج في سلم التوظيف.

إنني أناشد جهات الاختصاص دراسة مثل هذه الخطوات التي تحدث عنها الكثير من المواطنين وتصحيح مسارها لما يخدم الوطن والمواطن ويبني عُمان بسواعد فتية طموحة.

حفظ الله عُمان وقائدها وشعبها وأسبغ عليهم الخير والنماء.. إنه سميع مجيب الدعاء.