"المينوناتية" في عصر ما بعد الطوائف!

 

عائض الأحمد

يعتقد البعض أنَّ مهمته في هذه الحياه هي اتباع ومحاكاة من سبقه علمًا ومعرفة، دون أن يسأل نفسه لماذا؟

وكأنه مخلوق مُطيع يرفض ويقبل ويأمر سمعًا وطاعة، لا يُعمل عقله أو يُكلفه حق البحث والتقصي والرفض والمناقشة، تماهيا مع "العادة السرية" في حق المعرفة والإيمان بها، دون وكيل فضيلة، أو حامي حمى، يرد الضالين إلى سواء السبيل.

هذا وغيره يصدره لنا أشباه الإعلاميين المتقلبين مع لون العملة و"ماركة" الحذاء وسنة صنعه، إن أحسنوا لنا كرمًا فلن نطلب المزيد، وإن تجاهلوا حملنا القضية على أكتاف الجهل ورعاع الشوارع، نغذي فيهم الهشاشة النفسية، ونصدرها إلى أدنى المستويات، ونجعلها رأياً عاماً تفيض منه رائحة  العنصرية والتمييز والتعالي، على كل مخالف لنا.

الرأي ليس ملكا لك؛ بل نحن أولًا، وأنت تردد ولن يمنعك بعد ذلك أن تتبنى كذب أو نشر فضيلة.

من غرائبهم، الجهل يعيد نفسه، بطرق متعددة مهما بلغت من المعرفة وظننت بأنك تملك الحق في سلب الآخرين حقوقهم، ولأنك المعني باللون والطعم الذي تتذوقه حسب حاجتك وثقافتك إن كان لديك شيء، فانصف غيرك.

الإعلام الرياضي "المينوناتي" نسبة إلى إحدى الطوائف المسالمة التي ترفض كل وسائل الحياة الحديثة، وتؤمن بأنها من عمل الشيطان، إن لم تطع وتخضع لتعاليمها، ولكن الفرق هنا بأنها تنأى بنفسها دون صدام مع الآخرين، بغية المحافظة على تعاليمها والحفاظ على أفكار وسلامة أبنائها من دخلاء التواصل كما يعتقدون. 

أما أنت فتعيش في زمن الفضاء وتعدد وسائله وتريد أن أبقى حبيسًا لقصصك ورؤيتك القاصرة، وروحك الممتلئة كذبًا، وتعصباً ماذا وإلا فأنا ومن على شاكلتي قاصري الفهم وعديمي الذوق والذائقة متخلفي العصر ومثيري الجموع ومفرقي جماعات السلام وروحها الرياضية.

ابتلينا بهم وبلينا بمن يصفق حد الألم ونزف الطاقة، تضحك منهم حد التخمة المميتة، وجبات يومية متلاحقة لا تنفض إلا بقتال فضائي دامٍ، ينتصر فيه دائماً الأكثر وقاحة، مصحوبًا بابتسامة ندامة على الأخلاق.

يقول أحد "المخضرمين" بئس القول أحضرت عصير الليمون لأزيل التوتر مع كل رشفة، ولن يعنيني إن زرعت الحنظل بعد ذلك فأنا لا أملك مسطرة أشير بها على رؤوسكم، أو أملك مفتاح قلوبكم، الحياة لم تعلمني أن أحترم الجميع، علمتني أن أعشق وأنافح وأتأفف من أجلي فقط، "ديمقراطي" هكذا ينعت نفسه.

يقابله قبح الرأى الأحادي، "وسرسبة" هذا المبتدئ وتسلقه قبل أن يصبح شيئًا مفيداً، يعيدك إلى القرون الوسطى، وسيطرة "العقل الجمعي"، بفعل القوة والسيطرة وكأنه أمر مستحب لنشر ترهاتهم ونحن سننصاع مذعنين لهذه الثقافة الضحلة.

ولأنَّ الإعلام حلم وهدف لغرور البعض، ولم يكن مهنته الأساس، فهو يبث سمومه ثم يركن إلى زاويته ويضع رجلاً فوق أخرى ألم تشاهدوني؟ أعيب على ذاك المعلم المربي ومن "يتشدد" له تلك السوقية التي يرفضها تلاميذه.

تمكن العلماء من رصد نشاط الدماغ البشري في لحظاته الأخيره، وقد أعلن ذلك مؤخراً، ماذا تتوقع أن نرصد نحن بعد نهايتك.

ختامًا.. عزيزي "المينوناتي" الصغير، لا تفكر كثيرًا عد لرشدك فقط لتشاهد الجمال في مواطن لم ترها من قبل هلا فعلت.

ومضة:

ليس من الحكمة أن تقول ما تُريد دون أن تسمع ما يقولون.

يقول الأحمد:

نعم مرَّت من هنا، وشاهدها الجميع إلا أنا، ندم وصفاقة يعيشها الأحادي.