حيدر بن عبدالرضا اللواتي
أعلنت شركة صلالة لخدمات الموانئ عن توزيع أرباح نقدية بقيمة 10% على المساهمين عن أرباح عام 2021 وفق سياسة الشركة بالحفاظ على سهم الشركة في بورصة مسقط من جهة، وتحفيز المساهمين والمستثمرين الجدد بالإقبال على شراء أسهم الشركة من جهة أخرى.
والسؤال المطروح ليس عن هذه الشركة النشطة بمحافظة ظفار، وإنما السؤال عن مصير استثمارات المساهمين بمؤسسة خدمات الموانئ (ميناء السلطان قابوس بمطرح) بعدما صدر قرار بتصفية الميناء منذ أكثر من خمس سنوات. فحتى هذه اللحظة لم يحصل المساهمون على حقوقهم المالية الكاملة، في الوقت الذي كان من المفترض أن يحصلوا عليها في غضون ثلاث سنوات كتصفية هذه المؤسسة وفق القوانين العمانية. وجود هذه المبالغ في أيدي الجهات المعنية بالميناء باعتباره إحدى الشركات الحكومية يعني خسارة المساهمين والمستثمرين لأرباح السنوات السابقة، وعدم تمكنهم من استثمارها في قنوات إدخارية أخرى. فإلى متى ينتظر المساهمون حتى يحصلوا على حقوقهم المالية؟ ولماذا لا تقوم الجهات المعنية بالرد على استفساراتهم الدورية عن مصير مؤسسة خدمات الموانئ التي كانت يومًا تخدم الاقتصاد العماني بكل كفاءة؟ ولماذا تغيب الشفافية في مثل هذه القضايا، في الوقت الذي تتحدث الجهات المعنية عن أهمية الإفصاح والشفافية؟
ميناء السلطان قابوس الذي بدأ العمل به عام 1974 يُعد من المؤسَّسات العريقة في البلاد؛ حيث كان الميناء إلى عهد قريب يمثل واحدة من الشركات الكبيرة المُساهمة في البلاد، وكان الإقبال على أسهم الشركة كبيرًا أيضًا في ظلِّ الأعمال اليومية التي كان يقوم بها الميناء في خدمة الاقتصاد العماني من تناول البضائع والمنتجات الواردة والصادرة من وإلى كافة أنحاء العالم.
وقبل أن تُقرر الجهات المعنية تصفية أعمال ميناء السلطان قابوس، تجاوزت قيمة سهم الشركة أكثر من 320 بيسة، إلا أن القرار لزم المساهمين جميعًا، وذلك بتحويل أعمالها من تناول البضائع والمنتجات إلى العمل في المجال السياحي تحت إدارة شركة حكومية. هذا ما أعلنت عنه الجهة المسؤولة بوزارة المالية عن تخصيص أعمال الميناء لتكون في المجال السياحي، على أن يتم إرجاع المبالغ إلى المساهمين بعد تصفية أعمال المؤسسة. ولكن حتى اليوم بعد مضي خمس سنوات لم ينته مشروع التصفية، وبقيت مبالغ المساهمين وادخاراتهم في هذه المؤسسة مجمدة دون أن يتمكنوا من الانتفاع بها، خاصة وأن هناك مساهمين صغار ينتظرون الحصول على مستحقاتهم المالية، مع العلم بأن المبلغ الذي حصلوا عليه كدفعة أولى قبل أكثر من سنتين كان في حدود 150 بيسة لكل سهم، على أمل أن تُعاد المبالغ المتبقية في ظرف مدة قصيرة. ورغم مرور مدة طويلة، ما زالت بقية الأموال مجمدة لدى الجهات المعنية دون أن يعلنوا عن الموعد القادم لحصول المساهمين على بقية تلك الأموال.لقد سبق لي أن طرحت فكرة إعادة النظر في ملكية هذه المؤسسة وعملها مستقبلًا، بحيث تصبح شركة مساهمة عامة مرة أخرى وتكون للحكومة أسهم فيها، وأن يتم تحويل بقية مبالغ المُساهمين لدى المؤسسة بأسمائهم بعد أن يتم كامل تصفيتها من الالتزامات المالية السابقة، وإعادة تسجيلهم في هذه الشركة مرة أخرى. الكل على علم بأنَّ جهاز الاستثمار العماني يؤكد دائمًا على أهمية جذب الاستثمارات الخاصة وتأسيس الشركات التي تدار من قبل القطاع الخاص، أو من خلال طرح أسهم جديدة، فلماذا لا نبدأ بالتفكير في إعادة النشاط والحيوية لهذا الميناء من خلال إعادة تأسيسه كشركة مُساهمة عامة؟
إن قرار تصفية مؤسسة خدمات الموانئ بمطرح كان غير موفق منذ البداية رغم نداءات بعض الخبراء والمحللين بأن يبقى عمل هذا الميناء كما هو معتاد، وأن يتم تحويل جزء منه كميناء سياحي، ولكن دون دراسة وافية ودراسة الإيجابيات والسلبيات لهذا التحويل، تم أخذ قرار التصفية ليصبح ميناء السلطان قابوس فارغًا من العمل التجاري وكذلك من الحركة السياحية بسبب الظروف الوبائية التي نمر بها.
والكل يأمل ألا يبقى الميناء متعثرًا في أعماله اليومية ولأغراض سياحية فقط؛ بل يمكن أن يلعب دورًا كبيرًا في عمليات الاستيراد والتصدير وإعادة التصدير مرة أخرى، وخاصة في مجال استقبال السفن التجارية الصغيرة والمتوسطة التي تأتي من الدول القريبة، وأن يكون فاعلًا في خدمة القطاع السياحي أيضًا.