حمود بن علي الطوقي
يصعب علينا في بعض الأحيان كإعلاميين ومراقبين تفسير حالة الضبابية والنظرة السوداوية التي تُخيِّم على مُجتمعنا، كما يصعب علينا ردُّ هذه الحالة إلى مُسبِّبات موضوعية، وإن كان هناك ثمَّة قُصور يشوب أوجه الأداء في بعض المجالات؛ فهذا قطعًا لا يبرِّر هذه النزعة التشاؤمية لدى الكثيرين من أطياف المجتمع ممن يعبِّرون عن حالات من السلبية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.
لمست هذه الحالة خلال مُتابعتي للردود والتعليقات السلبية التي تلازم أي مشروع حكومي يتم الإعلان عنه وعن تنفيذه أو حتى عن ذلك المشروع الذي نحتفل بتدشينه. كمثال على ذلك لا الحصر افتتاح مشروع ميناء الدقم العملاق الذي يعد أحد أهم المشاريع الاقتصادية في سلطنتنا الحبيبة؛ حيث تابعنا محاولة البعض التقليل من الجهد الإعلامي في تغطية الحدث وإظهار جوانب أخرى لا يستدعي حجم الحدث وتوقيته أن نسلط الضوء عليها فواجبنا أن ندعم الافتتاح بكل حرف نكتبه لا أن نشتت الجهود.
وأقول كمتابع إن الأمل وكل الأمل يحدونا ألَّا تسيطر هذه الحالة الذهنية الغريبة لدى البعض على نظرتنا للأمور، ونأمل كذلك أن تكون هذه النظرات السوداوية مجرَّد سحابة صيف، أو تقليعة من التقليعات التي تظهر بين الفينة والأخرى وسرعان ما تتلاشى عندما تنكشف حقيقة الأمور.
فالمتابع للأوضاع في بلادنا- بعين فاحصة وموضوعية- يصل إلى استنتاج أنه لا مُبِّرر لهذه النظرة السوداوية لدى البعض، الذين اعتادوا ارتداءَ نظارات حالكة السَّواد ليطُّلوا عبرها على واقعنا؛ ليروه بالغ القتامة والضبابية!
إنَّ الايجابيَّات في واقعنا المعيش أكثر من أن تحصى. وللتذكير فقط أقول: إنَّ نعمة الأمن والأمان والاستقرار التي تنعم بها بلادنا، وحدها تكفي لأن نرفع الأكفَّ ونحمد الله على ما أنعم به علينا من خيره الوفير. كما إنَّ ما تحقَّق على أرض الواقع من إنجازات جديرة بالاحتفاء والعمل على تعظيم نتائجها.
صحيح أنَّ هناك مشاكل، وهي ليست مقصورة على بلادنا، كما لا نُنكر أنَّ هُناك تحديات وكذلك تجاوزات من البعض، وعلينا مُحاربتهم ورغم أنهم القلة من مرضى الضمير والوجدان، وهذه الحالات والنماذج لا يخلو منها مُجتمع من المجتمعات البشرية، وهي مشكلات مُعتادة لدى أيِّ مُجتمع يمر بأطوار النمو والتطور.
وبقدر ما أننا لا ندَّعي الكمال، فإننا في الوقت ذاته لا نرى مُبرِّرا لجلد الذات والتحقير من شأن ما تحقق في بلادنا، بل على العكس من ذلك نرى أنَّ هذه الإنجازات ينبغي أن تكون مثارا للفخر والاعتزاز بعد أن شهد بعظمتها القاصي والداني.
فالواقع يقول إنَّ الحياة في السلطنة لا تشتمل على كل هذه المعكِّرات التي يُحاول البعض إيهامنا بأننا نرزح تحت وطأتها. والمؤسفُ أنَّ هذه النظرة التشاؤمية لا ينحصرُ تأثيرها على مروِّجيها؛ بل يمتدُّ إلى جميع فئات المجتمع في ظل ما تُتيحه ثورة الاتصالات من وسائل تواصل؛ لدرجة أنَّ الكثيرين ارتدوا هذه النظارة القاتمة لتكون نظرتهم للحياة عبر عدستها المظلمة.
وأجزم أنَّ البعض ممن يُطالعون هذا المقال، سيرمونني بالعديد من التهم الجزافية، نظير هذه الدعوة للإيجابية، فيما سيكون وَقْع حديثي مقبولاً لديهم أكثر لو كتبتُ بسلبية، وانتقدتُ البلد ومسؤوليها ومواطنيها، وطعنتُ في هذا وجرحت ذاك!
وكما سبق وأن أشرت في بداية هذا المقال، نأمل أنْ تكون هذه الحالة مرحلية ومؤقتة، ونتطلع إلى أن تتبدَّد وتنقشع غيومها السوداوية من سماء مُجتمعنا، الذي كان ولا يزال إيجابيًّا ولا تعرف السلبية إليه طريقًا.
عُمان آمنة فلنكن جميعًا معولًا للبناء وليس الهدم.