عائض الأحمد
الموروث الثقافي والإنساني من علوم ومعارف وعادات وتقاليد وقد يشمل أيضاً ماهو أبعد من ذلك ليس بدعة أو خيال كاتب أو دراسة عكف عليها علماء أفذاذ ثم أظهروا لنا أن كل مجتمع لديه موروثه الثقافي والاجتماعي يحكي ماضيه ويسبر غور حاضره.
ولكن هل كل هذا الموروث ينسجم مع العصر؟ وهل لو كان أجدادنا وأبناؤنا يعيشون عصر هذه الثوره وهذا الزخم المنفلت حاليا سيؤمنون بما نحن عليه؟ أم سيخرج لنا عباقرة الزمن الجميل بروائع أخرى تناقض ما كانوا يرددوه فلعل الماضي وموروثه لم يعد شيئا في حاضرنا المعاصر؟
كان والدي- رحمه الله- يقول "من جد وجد ومن زرع حصد"، ويؤكد حد اليقين أنَّ هذه الجملة أسلوب حياة وطريق المستقبل، رحمه الله لو كان بيننا اليوم فماذا سيقول؟
الحصاد اختلف والجد والهزل استوت، فلم يعد طلب العلا رهينة سهر الليالي، وتبدلت المفاهيم ومالت، فلم يخطئ الإمام الشافعي؛ بل تمردت أحوالنا وأبت أن يرفع قولا فات واندثر، الصالح في سابقه لن يعود لأنه موروث فقط.
نعم لدينا من يشير إلى القمر ويعانق السحاب، وهناك من ينظر إلى أطراف بنانه، ولما لا خلقت هكذا وستبقى، وما العيب أن غضضت طرفا، وأنت أعلم الناس بما يخفيه طرفك.
يستعير مقولة "نحن بقع من العتمة لولا نور الله فينا"، وكأنه يعلم بأنها تصف حاله ومآله وتأخذ من ماضيه التليد بقعة "سوداء" فيما يظنه نور قادم. ويعرج على موروث سمعه، فيقول لا تكن مجتهدا كالنملة فربما لن يأتي الشتاء، هذه حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ لمن فقد بوصلة النقد أو فهم كما يحلو له.
سألني أحدهم ماهي علاقة الموروث بقناعاتك؟ فتذكرت تلك السيدة التي تسوق لنفسها بنشر صورها القديمة لعلها تجد ما يؤنس وحدتها، ويعيد لها نضارتها التي فقدتها كباقي البشر، ثم تجدها فرحة مستبشرة بكلمة مراهق.
صديقي يشرح كل هذا بانسلاخ وتغريب وفي أثنائه يعرج على مشاهدته وإعجابه حد الهوس بانسلاخ الدول المتقدمة من قيود الماضي وموروثه! فأخذت تسابق نفسها وليس الزمن.
****
ختامًا.. سقيم الحال يبحث عن دواء وداءه في كم ثوبه.
ومضة:
تشابهت علينا الأيام كبقرة بني إسرائيل.
يقول الأحمد:
غير مأسوف عليها أن كانت جاحدة.