الخليج المُتجدد

 

د. خالد بن علي الخوالدي

khalid1330@hotmail.com

 

تمضي الحياة بنا إلى آفاق واسعة، علينا أن نُدرك ونسبر أغوارها، ومن أهم الآفاق ضرورة النظرة إلى عوامل التكتل والتكامل والتعاون والاتحاد بين التجار وبين الشعوب وبين الدول، ولعل أهم تكتل يجب أن يكون له شأن في هذا العالم هو تكتل دول مجلس التعاون الخليجي؛ فالبدايات كانت مُهمة والقادة المؤسسون لهذا المجلس قد رحلوا وعلى القادة الجُدد الأخذ بهذا الكيان إلى مراحل متقدمة أساسها المصير المشترك والمصالح المشتركة نحو خليج متجدد.

إنَّ دول مجلس التعاون الخليجي تشترك في الكثير من الإرث الحضاري والتاريخي والاقتصادي والتجاري والعلاقات الأخوية والأسرية والعادات والتقاليد ناهيك عن روابط الدين واللغة، والتي جميعها تؤهلها لتشكل قوة جبارة لا يستطيع أي تكتل أن يصل إليها، وكم تتوق الشعوب الخليجية وتتطلع إلى أن ترى هذا التكامل مطبقاً على أرض الواقع لتعيش نتائجه وتستمتع بثماره.

وما يقوم به القادة في دول مجلس التعاون الخليجي هذه الأيام، يعزز فينا الأمل والثقة بأنهم لمسوا معاني ضرورة تفعيل الكيان الخليجي واستغلال المقومات البشرية والطبيعية والاقتصادية والتجارية والسياحية والتاريخية التي تملكها هذه الدول؛ فالزيارات التي يقوم بها سُّمو الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي عهد المملكة العربية السعودية للعواصم الخليجية بداية من سلطنة عُمان، برهان واقعي على هذه الثقة والأمل، إلى جانب الزيارات التي قام بها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- في الفترة الماضية إلى المملكة العربية السعودية ودولة قطر والتي أثمرت عن العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم المشتركة في مجالات عديدة منها العسكرية والأمنية والتجارية والاقتصادية والسياحية والاستثمارية والنقل والاتصالات، ومما لاشك فيه أنَّ هذه الزيارات لها آثار إيجابية لتعزيز مبادئ التكامل الخليجي الذي يرسم لنا ملامح وواقع الخليج المُتجدد.

يحدونا الأمل والتفاؤل في أن نرى الخليج المتجدد من خلال تعزيز الجوانب التجارية والسياحية وتسهيل الإجراءات في الدخول والخروج بين دول مجلس التعاون ووجود وسائل النقل الحديثة والمتطورة التي تربط بين هذه الدول خاصة القطارات لتنتقل شعوب المنطقة بحرية وسهولة وسلاسة دون الحاجة للوقوف على المراكز الحدودية وإبراز الهوية وغيرها من الإجراءات الأخرى التي عفا عليها الدهر وشرب.

إننا نتطلع كشعوب خليجية أن نرى القادة الخليجيين يسعون جاهدين لتحقيق رؤية الخليج المتجدد دون الدخول في المتاهات السياسية التي تعصف بأيِّ كيان والتركيز على تنمية الموارد البشرية الخليجية وتعزيز التعاون الأمني والتجاري والاقتصادي وتشجيع مناخ الاستثمار المشترك بكافة أنواعه لنرى دول الخليج جميعها واحة أمن وأمان واستقرار وتطور وتقدم، وتعيش الشعوب الخليجية الأخوية عيشة الرغد والرفاهية والنعيم بدون منغصات السياسة وما يتبعها من عوار رأس وقطع للأرحام والأخوة والمودة التي تربط الشعوب الخليجية، علينا التمسك بالأمل وعليكم أيها القادة الأعزاء على قلوبنا بذل قصارى جهدكم لتعزيز فكرة الخليج المُتجدد المبني على المحبة والإخوة والدم المشترك والتكتل فيما يحقق آمال وطموحات وتطلعات الشعوب.

ودمتم ودامت عُمان ودول مجلس التعاون الخليجي بخير.