جسور وسدود

 

د. خالد بن علي الخوالدي

 

الجميل في وطننا العزيز والغالي علينا، أنَّ هناك من يستمع لنبض المواطن من الجهات الحكومية والمسؤولين ويتم التحاور ومناقشة كل الأفكار والرؤى والمقترحات معهم، ومن أهم ما يُتداول هذه الأيام هي الأحداث التي وقعت الأسبوع الماضي، جرّاء منخفض المطير والحالة الجوية الاستثنائية التي أدت إلى خسائر بشرية غالية علينا، وإلى خسائر مادية تكلف الدولة في كل مرة ملايين الريالات، وكلما حدث حدث مؤسف تتداول الكثير من الأحاديث حول البنى الأساسية والتجهيزات التي يمكن من خلالها تفادي مثل هذه الأحداث.

وقبل أن نخوض في الحلول والمُقترحات التي ربما تعالج موضوع الأودية الجارفة وغيرها لابُد من الإشادة والثناء على الدور الكبير الذي بذلته وقدمته المؤسسات الحكومية بمختلف قطاعاتها العسكرية والمدنية والدور البارز الذي قدمته الجهود المجتمعية من قطاع خاص وأندية وفرق أهلية ومواطنين ومقيمين في لحمة وطنية امتازت بها سلطنة عمان وأصبحت علامة وماركة يُمكن تعليمها وتدريسها وتصديرها لمجتمعات أخرى بحاجة إلى مثل هذه اللحمة.

وسنعود إلى محور حديثنا وهو كيف يمكن أن نتجاوز مثل هذه الخسائر البشرية والمادية والمجتمعية، وكيف يمكن لنا تغيير النمط الذي سرنا عليه خلال السنوات الماضية في تنفيذ مشاريعنا وتخطيطنا العمراني والتنمية العمرانية وذلك بسبب تغيُّر المناخ وتقلبه ودورته الكونية التي يسيرها المولى سبحانه وتعالى، فنحن الآن في نهاية شهر أبريل، والكل يدرك ماذا تعني نهاية هذا الشهر؟ إنها الحرارة المرتفعة، بينما نحن الآن ما زلنا نستمتع بالجو اللطيف ولم يبدأ الصيف معنا، وهذا يقودنا إلى ضرورة التغيير في التفكير والتخطيط والتنظيم والنظر إلى المستقبل بنظرة واسعة ومن كل الزوايا.

هذه النظرة يمكن تركيزها حاليًا على موضوع تفادي الخسائر في المنخفضات والأنواء المناخية الاستثنائية التي تحدث في بلادنا الغالية نتيجة الأودية الجارفة، وأكثر المعالجات والحلول التي اقتنعت بها هي إنشاء سدود على مجاري هذه الأودية، بحيث يوجد في كل وادٍ سدٌ أو أكثر من سد، سدود صغيرة متلاحقة، منها حماية من الفيضانات وأيضًا تغذية للمياه الجوفية. ومن ضمن الحلول توسعة مجاري الأودية وتنظيفها من كل المخلفات التي تتسبب في إغلاق العبارات الصندوقية مما يؤدي إلى عودة المياه إلى منازل السكان والمنشآت القريبة من المجرى، إلى جانب ضرورة التفكير في استبدال العبارات الصندوقية بعمل جسور يكون تحتها مفتوح لمجرى الوادي مثل ما هو موجود في مجرى وادي الجزي وأودية عديدة على طريق الباطنة لم تتأثر منذ سنوات، وكانت سهلة في انسيابية المياه إلى البحر. أيضًا يتعين عدم توزيع الأراضي والسكن والبناء في مجاري الأودية والشعاب؛ فالوادي يعرف مجراه حتى لو بعد مئات السنوات.

حلول كثيرة ومتعددة يمكن تدارسها والأخذ بأحسن منها، وما طرح هنا في هذا المقال هي حلول تم تداولها من قبل الكثيرين وهي ليست جديدة، والعبرة في الأمر أن يؤخذ بها وبغيرها من الحلول الناجعة والتي يمكن من خلالها تفادي هذا الأمر مستقبلًا.

ودُمتم ودامت عُمان بخيرٍ.