ناجي بن جمعة بن سالم البلوشي
النهضة المتجددة، تعني لنا وببساطة تامة، أن نجدد كل شيء بداخلنا ليندمج فيها، وإذا تساءلنا كيف يكون ذلك؟ فالجواب يقودنا إلى بداية النهضة العمانية المباركة التي قادها السلطان الراحل قابوس بن سعيد- رحمة الله تعالى عليه- حيث كانت أولوياتها في ذاك الوقت منصبة على عدة محاور؛ للوصول إلى هدف أسمى يسمو بالوطن ومصلحته العليا.
فمحور توحيد البلاد على حدود جغرافية تحت راية علم وهوية وطنية واحدة مع نشيد وطني وعملة وطنية من أجل اعتمادها واعتماد تقييد الدولة في سجلات المنظمات والمحافل الدولية؛ لتعرف بعدها ككيان دولة مستقلة اسمها سلطنة عُمان، كذلك كان المحور الوطني الداخلي المعني بلم شمل جميع مواطني الدولة تحت ذلك اللواء الموحد وضمان الاستقرار والأمن والتنمية والعيش الكريم لهم. ومن أجل ذلك الهدف الأسمى كان لابُد من التخطيط والتنفيذ لبناء تلك الدولة ومواطنيها، ولا يكون ذلك حاضرا إلا بوجود المؤسسات المرتبطة بالتنفيذ، فالأمن والاستقرار مثلاً كان من بين أولى الأولويات؛ بل هو من أهم الضروريات القصوى، وذلك لأن السلطنة كانت قد مرت بظروف صعبة، فكان الأمن والاستقرار ضرورة ملزمة تكونت من خلالها المنظومة الأمنية والعسكرية على أسرع وتيرة ممكنة؛ بل أسرع من المتوقع، نصفُها في يومنا هذا بأنها على أكمل وجه من الفخر والاعتزاز لهذه الأمة، البنية التحتية أيضاً كانت من بين الأولويات للنهضة الحديثة، والتي نستطيع أن نقول عنها إنها كانت لا شيء قبل يوم النهضة المباركة، لكنها اليوم تعد من بين أفضل البنى التحتية في العالم وفي مصاف الدول المتقدمة، خاصة في مجال الطرق والمنشآت والمرافق والخدمات وغيرها.
وإذا كنت أخي المواطن ممن شهد تلك الحقبة أو من بين من ساهم في بناء النهضة الحديثة أو ممن ينعم الآن بمنجزات وخيرات تلك النهضة، فسؤالي لك: ماذا تعني لك النهضة المتجددة التي يقودها جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم؟ خاصة بعد أن عرفت النهضة التي قادها السلطان الراحل رحمه الله.
فإن كان تفكيرك العقلي إيجابيا لابُد أن تكون أولى أولوياتك الوطنية هو المحافظة على ما أنجزه وفعله المتقدمون منِّا وما وصلنا إليه نحن من حال، يحق لنا التفاخر به جميعًا، ثم لك أن تقتفي الآثر الصائب والطريق الصواب إلى الهدف الأسمى الذي تأسست من أجله الدولة الحديثة في نهضتها الحديثة، وذلك من خلال التجدد مع متطلبات النهضة المتجددة، التي تريد منِّا أن نكون في كيانها ومكوناتها، فنساهم فيها كأننا واحد منها، ومكون رئيس من مكوناتها استشهادا بالخطاب السامي لمولانا المعظم "إن الأمانة الملقاة على عاتقنا عظيمة، والمسؤوليات جسيمة، فينبغي لنا جميعًا أن نعمل من أجل رفعة هذا البلد، وإعلاء شأنه، وأن نسير قدمًا نحو الارتقاء به إلى حياة أفضل، ولن يتأتى ذلك إلا بمساندتكم وتعاونكم وتضافر كافة الجهود للوصول إلى هذه الغاية الوطنية العظمى، وأن تقدموا كل ما يُسهم في إثراء جهود التطور والتقدم والنماء".
لذلك يتوجب علينا الانتباه لما يجدر بنا العمل من أجله وتنفيذه، فإن كان الإصلاح الإداري، من أولوياتها فلابُد لنا أن نكون نحن الأداة التي تساعد على ذلك، أو إن كان تعزيز الأداء الاقتصادي من أولوياتها، يتعين علينا التوقف عن التجارة المستترة، والتفرغ لأعمالنا وبناء اقتصادنا، كما إن هناك من الأولويات المتجددة المهتمة بالتطوير والتحديث، مثل تفعيل الحوكمة ومنظومة قياس الأداء الوظيفي واعتماد الاقتصاد والعمل الرقمي والتوجه نحو صناعة الابتكار والبحث العلمي، وغيرها مما إن عملنا عليها جميعنا فإنها ستصل بنا إلى هدف أسمى يعمل على رفعة شأن هذا الوطن العظيم..
حفظ الله تعالى بلادنا عُمان تحت قيادة جلالة السُّلطان هيثم المعظم، وكل عام والجميع بخير بمُناسبة 18 نوفمبر المجيد.