الوطنية الحَقّة

 

د. حميد بن مهنا المعمري

halmamaree@gmail.com

 

لا أحد يُزايد على وطنية أحدٍ؛ فكل من افترش تُراب أرض عُمان والتحف سماءها؛ هو وطنيٌّ بامتياز؛ لأنّ الأوطان تُحب جميع مواطنيها على اختلاف مشاربهم ودرجات ثقافتهم، وطُرق تفكيرهم؛ فهي بمثابة الأم التي تُحب جميع أبنائها مهما صدر منهم من عقوقٍ في حقها.

وبينما نحن نعيش نفحات نوفمبر المجيد رأيت من المفيد لنا جميعاً، أن نقف بعض الوقفات التي ينبغي أن يُصار إليها على فترات مُتباعدة لتصحيح المسار الذي لا ريب أنه مع الزمان تتغير فيه بعض المفاهيم، وتستجد معه بعض الأحوال؛ فكان لزاماً علينا ومن الضروري بمكان الوقوف تلك الوقفات التي أرجو أن أكون فيها غير مثاليٍّ أو منظّرٍّ يبعدني عن الواقع الذي نعيش، ومن هذه الوقفات على سبيل الذكر لا الحصر: الوقفة الأولى: علّموهم أنّ الوطنية بناء لا ارتداء للأوشحة والالتحاف بالأعلام. الوقفة الثانية: علِّموهم أنّ قطْع الشوارع على المارة، وإحداث الضجيج ورفع الأبواق في الأحياء السكنية خاصة، وفي الأماكن العامة ليس من الوطنية في شيء. الوقفة الثالثة: علِّموهم أنّ الوطنية الحقّة هو رفع اسم وعلم عُمان عالياً في المحافل الدولية؛ لتفتخر على أترابها من الدول، بأنّها ربّت، وأرضعت، وأطعمت.

الوقفة الرابعة: علِّموهم أنّ الوطنية أنْ نبذل قُصارى ما نملك وما لا نملك من الجهد والوقت والمال في سبيل التسلح بالعلم النافع، الذي يرفع من شأن الأوطان ورسوخ كعبها، ويجعلها شريكاً رئيساً في صنع الحضارة، وفي مقدمة الأمم المنتجة وليس في ذيلها.

الوقفة الخامسة: علِّموهم أنّ التغنج والرقص في الطرقات، وحرق الإطارات، وترويع المارة، وصبغ الوجوه بالألوان، ليس من الوطنية في شيء.

الوقفة السادسة: علِّموهم أنّ الوطنية تعني حُبّ الأوطان بلا مقايضة، حبّا خالصاً لا يطّلع عليه شيطان فيفسده، ولا ملك كريمٌ فيكتبه، فحب الأوطان من الإيمان وهي عقيدة راسخة، لا تتزعزع بسبب حفنة من حُطام الدنيا الزائل، ويكون حالنا كلما ازدادت الوظائف والماديات ارتفع منسوب الحب، وكلما انخفضت الفرص الوظيفية انخفض مؤشر الحب؛ لأنَّ كل ذلك ليس من الوطنية في شيء وهذا يعني أنّ الأوطان الفقيرة معرضة لعقوق أبنائها!

الوقفة السابعة: علِّموهم أنّ من الوطنية الصادقة أنّ السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة، وأنّ الأرض لا تنبت بدون حرث، وعلى الشباب عدم انتظار الوظيفة تمشي إليه مسرعة لتقرع باب منزله، بل عليه أنْ يسعى ويجتهد {وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ} [النجم : 39].

الوقفة الثامنة: علِّموهم أنّ من الوطنية عدم التذمر والتراشق بالاتهامات ونشر الشائعات التي تقلق ضمير المجتمع.

الوقفة التاسعة: علِّموهم أنّ نهضة عُمان متجددة ومستعدة في جميع الأوقات وفي جميع الظروف والأحوال، بقيادة قائدها الملهم جلالة السلطان هيثم بن طارق- أيده الله.

الوقفة العاشرة: علِّموهم أنه لا يحك ظهر هذا الوطن إلا أظفاره، وأظفاره هم أبناؤه؛ لأنهم أدرى به من غيرهم، وأكثر غيرة على حُرُماته.

تلك عشْر وقفات أرجو أن يكون قد اكتمل عِقْدها ليكتمل نفعها وتكون بلسماً نضمد به النتوءات التي أحدثها شباب الأمة في جدار الوطنية، ونُصلح ونصحح ما اعوجّ في طريق الانتماء لتراب هذا الوطن الغالي الذي ذرة منه تُساوي الدنيا وما فيها.