معالي المواطن يُطالب بتأجيل القوانين المُستعجلة

علي بن سالم كفيتان

لا نعلم إن كانت قرارتنا تُبنى على استشراف مؤشرات الرأي العام أم لا.. لكن ما هو مؤكد أن المزاج العام بات متكدرًا ولا يقبل المزيد من القرارات المستعجلة التي تحمل في طياتها كلمات رفع يد الحكومة، والاستقطاع من الراتب، والحرمان من الترقيات، والعجز في الموازنة التي اتهم بها الإنسان العادي ليدفع ثمن ذنب لم يرتكبه في ظل تأجيل مبدأ المحاسبة، لشيء في نفس يعقوب، فربما الوقت لا زال مبكرًا على محاسبة المتسببين في "العجز الملياري"، فتم البدء بمعالي المواطن، وكما يقول المثل: "عصفور في اليد خير من عشرة على الشجرة".

يكفينا تجربة قانون الأراضي الجديد وما شابه من سلبيات كان بالإمكان تداركها، لو مُرِرَ المشروع على جهات التشريع، فبسبب هذا القانون، بات الرجل والمرأة يتشاركان حوائط الدار الواحدة سواء كانا معًا أو انفصلا عن بعضهما، ليبدأ سجال جديد في المحاكم، وربما كانت هناك حلول أخرى من خارج الصندوق عبر تبني الحكومة بناء وتمليك الشقق في المباني، بحيث يكون الامتداد الرأسي هو الحل لشح الأراضي إن كانت هذه الحجة منطقية. إن تجربة قانون الأراضي الجديد بيّنت لنا مقدارًا لا يستهان به من العجلة، فما الضير لو تأجل القانون لعام أو عامين حتى تتضح الأمور؟ وهل القانون الجديد شكل فاتحة خير على المستحقين؟ وكم هي الأراضي التي صُرفت بعد صدوره مقارنة بالطلبات المتراكمة؟ نكرر قولنا إن القانون أخذ صفة العجلة غير المستحبة في ظروفنا الحالية، فانعكس سلبًا، وأضاف كومة جديدة من الامتعاض وعدم الرضا، كان بالإمكان تجنبها... فهل سنستفيد من التجربة؟!

يتم تسريب بعض الأخبار عن قانون العمل الجديد، وخاصة فيما يتعلق بالتقاعد وآلية تقييم الموظفين العمومين، فكيف يتم تقييم موظف قضى في درجته المالية أكثر من 10 أعوام لكي يحصل على ترقية كان ينتظرها منذ عقد؟ استمعتُ لحديث إذاعي بإحدى المحطات المحلية، وجرى حوار مع مسؤولين في وزارة العمل حول آلية التقييم ونهج الترقيات المنتظر، وللأسف خرجتُ بانطباع غير إيجابي، ولا شك أن ذات الشعور وصل لكل موظف كان يستمع لتلك الآلية الخشبية التي يتلوها ذلك الموظف، الذي تبين لي أنه لا يؤمن بها، فعندما سأله المذيع: أليس من المنطقي أن تتم ترقية الموظفين المستحقين لترقياتهم المؤجلة ومن ثم تطبيق هذه الآلية؟ رد المسؤول الحكومي الذي حضر ليقدم القانون المرتقب قائلا: إنه متضرر ويتمنى ذلك، فتراءى لي أن كثيرًا من الأمور باتت مقلوبة، فمثلما جاء قانون الأراضي الجديد وانعكس سلبًا على المزاج العام، اليوم نترقب قانون العمل وقانون التقاعد وغيرهما من القوانين التي لم تأخذ حقها من النقاش؛ لتلافي نقاط الضعف وتجنب وضع المزيد في من المصاطب في هرم الإحباط، الذي بات ينمو يومًا بعد يوم، فنكرر التساؤل مجددًا: ما الضرورة القصوى لصدور قوانين يمكن أن تزيد من الاحتقان المجتمعي؟ في ظل حاجة الناس لأخبار سارة تحمل عن كاهلهم شيئًا من الحمولة التي لم يكن لهم فيها ناقة ولا جمل.

نتفق جميعا على الوقوف إلى جانب وطننا في هذا المنعطف التاريخي، لكن المعالجات يجب أن تنطلق بعيدًا عن معيشة المواطن اليومية التي يجب عدم المساس بها، ولعله من الغرابة أن يُصرِّح مسؤول بأنه لم يتم المساس بالرواتب، في حين تم سحب الدعم عن الخدمات العامة وفُرضت الضرائب، بينما الراتب ظل مقيدًا والترقيات موقوفة!! فمن أين سيدفع المواطن فارق رفع الدعم وحصيلة الضرائب؟ أليس من الراتب؟! مما يعني المساس المباشر بمعيشة الناس دون وجود حوافز أو بدائل مقبولة .

يقول أحدهم: إن الدين العام تسببت به الشركات الحكومية التي نمت كالفطر في مرحلة ما.. فلماذا نحاسب نحن؟ ويقول آخر: عندما نسدد جميع المديونيات لن نجد أحدًا وسينقرض المواطن!

حفظ الله بلادي.