طالب المقبالي
لا أعتقد أنَّ العمل عن بُعد مُجدٍ لجميع الأعمال خاصة تلك الأعمال التي تتطلب التعامل مع الوثائق وتستلزم تسليم واستلام وثائق ومستندات يستخرجها الموظف من المكتب وتتطلب اعتماد الرئيس المباشر، ولا يمكن أن تنجز من المنزل.
وسوف أسوق بعض الأمثلة على بعض الأمور التي لا يصلح التعامل معها إلا من خلال وجود الموظف على رأس عمله في المكتب، وحتى لا يفهم التشبيه خطأ فأنا لا أقصد هذه المؤسسات في مقالي، ولكن كمثال أسوقه من أجل تبيان نوعية الأعمال التي لا يمكن أن تنجز إلا من خلال مُباشرة العمل الرسمي في المؤسسة، ومنها على سبيل المثال استخراج جواز السفر، والبطاقة الشخصية، وتجديد المركبات التي مضى عليها عشر سنوات وتحتاج إلى فحص، ولذلك لم نجد عند مُراجعتنا لاستصدار هذه الوثائق موظفين في جهاز الشرطة يعملون عن بعد، وإنما الجميع يعمل كخلية واحدة تنجز أعمالها في مواقع العمل.
وأُحيي شرطة عُمان السلطانية التي خطت خطوات كبيرة في المعاملات الإلكترونية، فقد أصبحنا نجدد مركباتنا من المنازل، ونستخرج الملكيات من أجهزة الطباعة المنتشرة في مختلف محافظات السلطنة، ويتبع ذلك البطاقات الشخصية. وتأكيدًا على ذلك لم أذهب إلى مكاتب الشرطة ويقال لي راجعنا في الأسبوع المُقبل؛ لأن الموظف المختص يعمل عن بعد، وأرفع القبعة للشرطة إجلالاً وتقديراً لخدماتهم المميزة، ولما وصلوا إليه تقنياً. وهناك أمثلة أخرى في استلام ملكيات العقارات وإباحات البناء وطباعة واستلام بطاقات العمال، وطلبات توصيل الكهرباء، وإرسال واستلام الطرود البريدية، وطباعة البطاقات البنكية، وطباعة وتوزيع الصحف والمطبوعات، والأمثلة كثيرة ولا يمكن حصرها.
إلا أن هناك بعض الجهات الحكومية والخاصة تتعطل أعمال المراجعين فيها بسبب العمل عن بُعد، وإن كان الموظف الذي يعمل عن بعد لا يوجد بديل له في تلك المؤسسة، مما يضطر المراجعين إلى الانتظار للأسبوع التالي.
قبل أيام راجعت إحدى المؤسسات لموضوع مُعين فقيل لي إن الموظف يعمل هذا الأسبوع عن بُعد، ومع بداية الأسبوع علمت أن الموظف قد باشر أعماله هذا الأسبوع في المكتب لينجز ما لم يتم إنجازه عن بعد، ومن بينها الأعمال المتراكمة من الأسبوع الماضي.
وهنا يرد إلى الذهن هذا السؤال، طالما لا يوجد موظف بديل عن الموظف الذي يعمل عن بعد معنى ذلك أن الموظف لا خوف عليه من التزاحم مع زملائه في العمل، وفي نفس الوقت لا يوجد زحام مُراجعين في المؤسسة، فما الداعي لعمل الموظف عن بعد؟
عندما قررت اللجنة العُليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا (كوفيد19) تقسيم العمل، وأجازت العمل عن بعد حسب النسب التي حددتها في قراراتها السابقة، كان الهدف منها التقليل من تكدس الموظفين في مكان واحد، من أجل حمايتهم وحماية المراجعين لتلك المؤسسات.
بعض الأعمال تنجز إلكترونياً من أي مكان ولا علاقة للموظفين بالمراجعين من الخارج، وبالتالي عملهم سوف ينجز سواءً بحضورهم إلى المكتب، أو ممارسة عملهم عن بعد، وهذا أمر مقبول وطبيعي، لكن موظف يعطى راحة أسبوع كامل براتب كامل، ويتم توجيه المراجعين بالحضور في الأسبوع القادم فهذا أمر يحتاج إلى إعادة نظر، كما يحتاج إلى مراقبة، وهذا يحدث في كثير من المؤسسات للأسف، وقد سمعت شكاوى كثيرة من هذا القبيل في عدد من المؤسسات الخدمية؛ حيث تتعطل مصالح الناس وتتأجل بدون ضرورة ملحة أو داعٍ للعمل عن بعد، كما أن بعض الأعمال لا يُمكن أن تنجز عن بعد.