أهمية تحديد مكان الإقامة

 

يحيى الناعبي

سجل القيد أو الهوية هي إثبات مكان إقامة الفرد. تكمن أهمية تسجيل مكان الإقامة الصحيح سواء للمواطنين أو المقيمين في تسهيل الكثير من الإجراءات الرسمية والتجارية والخاصة. وسوف نتطرق لجوانب مختلفة حول هذه الأهمية.

ومعرفة عنوان كل فرد مُواطن أو مقيم، يسهل على الجهات الرسمية طريقة الوصول إلى صاحب العنوان في أي مهمة خدمية. ومن ثم فتح صناديق خاصة ((mailbox لكل وحدة سكنية مرتبطة بعنوان الفرد سواء المنازل أم الشقق. طالما أن المؤسسات الحكومية اتسعت خدماتها الإلكترونية، يجب أن تكون هناك صناديق يحمل عنوان الفرد لكي تصله النسخة الورقية من المعاملة الإلكترونية خصوصا تلك التي تتطلب إرسال المستند الأصلي. بالتالي لا يرغم صاحب الخدمة على إضاعة الوقت والجهد في التوجه نحو المؤسسة المعنية لاستلامه. هذا بدوره سوف يحلّ مشكلة التزاحم في المؤسسات الخدمية وسيوفر على أصحاب المعاملات عناء الذهاب والانتظار. قد يكون صاحب المعاملة موظفاً لذلك لن يهدر وقت العمل أو قد يكون باحثاً عن العمل وبالتالي لم يتكبد عناء وتكلفة الذهاب.  

على المستوى القضائي، فالمرافعات القضائية والشكاوى في ازدياد مع تزايد عدد السكان. لا تزال المحاكم تكلف المدعي توصيل رسالة الدعوة الموجهة من المحكمة إلى المدعى عليه، بحجة أن عنوانه مقيداً في مكان واحد وربما قد غير من مسكنه الأول أو حتى القرية أو المدينة التي يعيش فيها سابقًا. طبعا هذا يعطل مجرى سير القضية ويحمل المدعي عبء البحث وهو ليس من اختصاصه (أين المنطق؟). في حين لو كان هناك عنوان معروف للمدعى عليه، ستصله الرسالة من المحكمة بسلاسة ويسر وتضمن وصولها للمعني.

وعلى المستوى الاقتصادي والنقلة النوعية في ظهور التسوق الإلكتروني عبر شركات عالمية ومحلية أيضًا. أصبح تحديد العنوان ضرورة وأصبح وجود صناديق البريد أيضًا أمرا ملّحا في محافظات عُمان بالتالي سوف ينعش ذلك فكرة التسوق الإلكتروني بشكل أكبر عمّا هي عليه اليوم.

وبسبب كورونا الذي غير مجرى الحياة أحد جوانبها دفع الدول التي تعتمد على التسوق الإلكتروني بنسبة محدودة إلى أن تتجه نحو هذا الاتجاه مرغمة، ومن ثم فهو وسيلة سهلة تلبي الغرض في التسوق. طبعًا لها فوائد كثيرة وتختصر جهد العناء والحماية من تفشي الفايروس. لقد تغيرت طريقة التسويق وزادت من خياراتها، فبدلاً من أن تذهب لمحل واحد في السوق أو المجمع التجاري، بضغطة زر في محول البحث تجد أن عالم التسوق أمامك بكل أنواع الماركات والموديلات من كل مكان في العالم. لقد أصبحت الشركات المحلية تعتمد في تسويق السلع على إعلاناتها عبر مواقع الإنترنت أكثر من عرضها في المحلات.

أيضًا يساعد ذلك الكفاءات المحلية وأصحاب الحرف أن يسوقوا منتجاتهم بدلاً من أن يكونوا مستهلكين فقط. إن عالم الإنترنت قرّب المسافة بين القارات وأصبح من السهل أن يتعرف الآخر على المنتجات المحلية. لذلك علينا أن نستثمر هذه الوسيلة في ترويج المنتوجات العمانية. يبقى فقط خلق الاطمئنان من قبل الطرف الآخر الذي يتعامل مع المورد المحلي، وهذه الطمأنينة تعتمد على عدة شروط من بينها وجود عناوين صحيحة ومسجلة خشية النصب والاحتيال.

شركات التسويق الإلكترونية العملاقة أنعشت اقتصاديات الدول، بل تعدى ذلك ليترك مساحة للأفراد في المشاركة بعرض مقتنياتهم التي لم يعد بحاجة إليها: الكثير من الناس لديها مقتنيات تفوق حاجتها، فبدلاً من تكديسها في الخزانات، تعرض للبيع إلكترونيا وبالتالي يستفاد من بيعها ويتم استغلالها بدلا أن تصدأ أو تهترئ.

إن خلق الخيارات والبدائل الإيجابية في كيفية العمل بالتقنيات التكنولوجية، يساعد المجتمع وأفراده نحو تبنيها وبالتالي يستطيع الجميع الاستفادة من هذه الوسائل. كلنا يعلم أنها وسائل ذات حدين سلبي وإيجابي، ومن المؤكد أنها صممت لتكون إيجابية لكن تحولها إلى ظواهر استغلال سلبي لا يعني مسؤولية الأفراد فقط، وإنما الحكومات أيضاً، لأن نشأة الفرد قائمة على توجهات الحكومة. طبعاً كل الدول تعاني من الظواهر السلبية لاستغلال التقنيات الإلكترونية، ورغم ذلك استطاعت أن توظف الجانب الإيجابي بشكل أكبر للاستفادة منها. إن توجيه الطاقات البشرية اليائسة لا يأتي عبر الخطب والوعظ فقط، بل عبر مؤسسات وعقول تكيف لهم طرقاً لتوظيف الفراغ في أعمال جادة تستثمر طاقاتهم.