التأمين وأهميته في المجتمع

 

يحيى الناعبي

ymail4040@gmail.com

 

تابعتُ قبل أيام المرسوم السلطاني القاضي بإجراء تعديلات على قانون شركات التأمين، وفي ظاهر المرسوم وفحواه علامة بارزة على الاهتمام بقضايا التأمين، ومثل هذه اللوائح مدرجة في غالبية الدول حفاظًا على حقوق المؤمن وسلامته.

لكن.. تبادر لدي أسئلة عدة وأزعم بأهميتها، ومن بينها: هل لدى المواطن دراية بتفاصيل هذه التعديلات؟ هل تطبق جميع هذه التعديلات في السلطنة بحسب الشروط والقوانين؟ هل هناك تواصل بين المؤسسات التي تتضمنها هذه التعديلات؟ في الغالب هناك الكثير من المؤسسات يتضمنها قانون التأمين بدون رابط على أرض الواقع.

إن إصدار القوانين- عبر مراسيم سلطانية سامية- أمر طبيعي في ظل استمرار الحاجة إلى قوانين وتعديلات عليها بما يتوافق مع مقتضيات كل مرحلة، لكن القرارات واللوائح الوزارية التي تبرمج هذه القوانين تدخل في عالم الأهواء والمصالح. والتجارب أثبتت أن القوانين في وادٍ وآلية تنفيذها وتطبيقها "فيما لو تم العمل بها" في واد آخر، والسبب غياب المسؤولية المتخصصة في آلية تنفيذ القوانين وفق الأسس المرجوة منها. وهنا لن نفتح بابًا للتشاؤم وانعدام المسؤولية لأنَّ هذه الأسطوانة أصبحت بلا جدوى.

لكن ماذا لو قلنا إننا نبدأ بمعالجة ما سبق من هفوات والحث على الاستعانة بالتجارب الناجحة في تطبيق وتنفيذ هذه القوانين وفق متطلبات المرحلة. منها مثلًا، الجميع يعلم بأنَّ المعضلة الرئيسية والتي تحول دون إنجاح تنفيذ القوانين والتشريعات في الغالب هيمنة أصحاب المشاريع على هذه القوانين، بالتالي، تسقط الحجج والبراهين ضدهم. ومن ثمّ، على الدولة أن تفتح للشركات العالمية الاستثمار في مجال التأمين وسيكون التزامها أكثر ضماناً خشية سمعتها العالمية.

أيضًا على المختصين في هذا السياق أن يبادروا بشرح كل عنصر في هذه القوانين، بحيث يستطيع المواطن أن يكون على إطلاع بها وبأهميتها وضرورتها في حياته العملية والعامة. وبالتالي لا يستطيع أصحاب شركات التأمين خداع المواطن ضمن بنود غامضة تخرجهم من مأزق المسؤولية، بينما يتكبد المواطن الأمرّين، جهله بالمُعطيات التي تتضمنها القوانين وماله حين يكتشف أنه كان يدفع قسطا شهريا بلا غطاء للحاجة المؤمن عليها.

القوانين تمثل أحد المحاور الحيوية في الاقتصاد المحلي وأيضًا تشجع الاستثمار لشركات التأمين العالمية.  فعلى المستوى المحلي، يجب أن يشعر المواطن بأهمية التأمين على الحياة والممتلكات، وبدوره سوف ينعش ذلك شركات التأمين والاقتصاد، لكن يجب على الإعلام تكثيف دوره في استقطاب ذوي الاختصاص في شركات التأمين وكذلك القانونيين لشرح آلية العمل بهذه القوانين، وأيضًا التواصل مع حماية المستهلك من أجل رفع الغموض واللبس عند المستهلك.

 من الأهمية لشركة التأمين أن يطلع المواطن على بنود التأمين لأنه كلما اطمأن المستهلك على حقوقه كلما زاد السقف في التأمين على الأرواح والممتلكات، ولم تقتصر فقط على تأمين مركبته (طرف ثالث أو شامل). وبعد الفترة العصيبة لإعصار "جونو" عام 2007، الكثير من ضحايا الإعصار تأثرت أملاكهم، وكان ضمن بنود تأمين مركباتهم أنها ضد الكوارث الطبيعية، ولم يتم تعويضهم مباشرة؛ بل عبر محاكم وقضايا، ومنهم من سقط عنه التعويض بحجة أن بعض شركات التأمين لم تتضمن الأعاصير ضمن الكوارث الطبيعية؟!!

هناك لبسٌ كبير يجهله الكثير منّا متعلق بتأمين إصابات العمل؛ حيث إن كثيرا من المؤسسات الخدمية وغير الخدمية تجهل أهمية هذه الفئة وصعوبة مهمتهم وحساسيتها. وما لفت انتباهي أن العاملين في القطاع المهني مجحف في حقهم بالرواتب وطبعاً في حمايتهم التأمينية، هم معرضون للعمل في الأجواء المناخية المتقلبة، خصوصًا تحت درجة حرارة عالية، أو تعرضهم للخطر أثناء القيام بعملهم المهني، مزارعين، نجارين وكهربائيين وبناءين وفنيين. الكثير من هؤلاء يتعرضون للسموم الكيميائية بنسبة كبيرة تؤدي بهم إلى أمراض قاتلة مثل السرطان وأمراض مُزمنة.

لا أحد ينكر دور الإعلام في استعراض القضايا الاجتماعية، لكن مقترحي هو، عليه ألا ينتظر مناقشة موضوع بعد أن يصبح ظاهرة؛ بل عليه أن يخصص حلقة مستمرة حول القضايا المتفرقة في المجتمع من بينها استغلال الشركات للمواطن، بحيث يقف الإعلام عند القضايا الفردية، فبمجرد أن يسلّط الإعلام الضوء على قضية ما، سوف تكون هناك محاذير من قبل الشركات الأخرى سواء في نفس المجال أو في مجالات أخرى. إن الشفافية تقضي على تفشي التجاوزات وتحافظ على حقوق الجميع.

ختامًا.. السبب في هروب رأس المال المحلي وتخوف الاستثمار الأجنبي يكمن في غموض بعض القوانين وضعف الرقابة.