زمن العولمة.. يا مسعود!

 

عائض الأحمد

 

نسمع دائما عن الهروب إلى الأمام، لكن الهروب إلى الخلف هذه جديدة!

ما تقوم به بعض الشركات الكبرى المقيمة والمتربعة بين ظهرانينا من سنوات تكد وتربح وتستربح بسواعدنا، ونحن نُكبر فيها كل ما قدمته وما أخذته في المقابل من تسهيلات ودعم من كل الجهات الحكومية والأهلية، بل وصل بنا وهذا ديدننا في الخليج على وجه الخصوص استقبالهم بالسجاد الأحمر والأخضر لدعم الاقتصاد المحلي وتوظيف أبنائه المميزين ليس أكثر من ذلك، ولكن للأسف منهم من نسي وتناسى وأصبح توجهه "إقليمي" هربًا من  ارتفاع أجور العاملين من أبناء الخليج، في رواية السيد "جوزيف" وإخراج "مدير عام استقطاب المواهب والاستغناء عن الخبرات وإعادة هيكلة الموارد" هذا مسماه الوظيفي أتنبأ له بمستقبل زاهر وفقه الله "قائد القادة وفخرهم".

أليس من المعيب أن يعجزهم قليلًا من كثير جمعوه من وجودهم بيننا، والآن يظهرون لنا سوء نواياهم وتخليهم عن جزء يسير من أرباح كانت السوق الخليجية أساساً لها ولولاها لكن هناك وضع آخر، أين كانت دول الشرق والغرب عندما كادوا أن يشهروا إفلاسهم؟ فهل هذا "جزاء سنمار"؟

تذكرت القروي "مسعود" ابن قريتي عندما سافرنا أول مرة ولم نكن نحمل أكثر من أرجلنا "وبنطلون" واحد اتفقنا على أن نتبادل الخروج به في مدينة بيروت، وكان من المُستحيل أن نتفق على الخروج معًا حتى انتهت صلاحيته، وأعتقد جازمًا أنَّه ابتاعه من أحد تجار "البالة" وتعني في مصر والشام الملابس المستعملة ولعله كان ملك أحد الأموات يا مسعود.

لا أعلم لماذا تذكرت بيروت ومسعود وصديقي العزيز "شمس الدين" وهو يؤكد لي أنه يستحيل أن نلتقي قبل أن يستقيل أحدنا ليكون لقاؤنا ودياً تسوده الأخوة بعيدا عن الـ"business" كما يُرددها دائمًا.

يُقال في اللهجة الدارجة "من فتح الباب أتاه الجواب"، فكل اللوم على إدارات "الموارد البشرية" في هذه الشركات، وأغلبها يُمثله أبناء "الخليج" تماشيًا مع بعض السياسات والتوجهات الحكومية، لتضمن أن يتم التعامل معها من قبل أبنائها على الأقل في حده الأدني، ولكن هذه الأدنى أيضًا، لم تكن لتحمي أحدًا غير المقربين من تلك الإدارات التي تصنع القرار الحقيقي، وتقره وليس على جامعي الأموال من حرج في تنفيذه أو لم يكن ضمان مقعدٍ مع هؤلاء خيرا من جلسة مغادرة، ووداع يعقبه خطاب شكر فقط، لتعذر إقامة أي تكريم شخصي، فقد يتعرض الجميع للمساءلة القانونية حسب أنظمة المساواة  في الظلم عدالة.

بعض الحكومات بدأت تثق في القطاع الخاص لدرجة التخلي عن موظفي القطاع العام، تحت مسمى الخصخصة تخيل معي أيها الموظف أين كان موقعك بأن الشركة المشغلة مقرها "نيودلهي" وعليك الاتصال لطلب إصلاح جهازك المحمول وربما "كشف حضورك" أو طلب إذن بالخروج في إجازتك السنوية إنها "العولمة" سيدي.

في المرة القادمة يامسعود علينا أن نرتدي "الوزار" وهو قطعة من القماش تلف حول الجسم، ولكن هذه المرة سنشتري اثنين انطلق يا مسعود فالربيع قادم هناك.

************

ومضة:

لا تغرك الحديقة الغناء وتأمنها، فهناك من يتقاسمها معك وأنت لا تعلم.  

***********

يقول الأحمد:

ليتني لم أسألها وبقيت معتقدًا "بشغف" ما ظننته منها.

الأكثر قراءة