إلى أين سائرون؟

علي بن بدر البوسعيدي

 

ما زالت القضية الفلسطينية قضية العرب المركزية، والهم الأكبر الذي يشغل بال ووجدان كل مواطن عربي، بل وكل مسلم في أصقاع الأرض، فمنذ الحقبة السوداء المُمتدة بين عامي 1948 و1967 استطاع اليهود الصهاينة الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهجروا شعبها وقتلوهم وشردوهم، فتفاقمت المحنة وازدادت الأزمة بؤساً، ومعها زاد الحزن والألم على هذه البقعة الغالية من الجسد العربي..

ورغم أن هذه القضية غابت عن المشهد السياسي العربي والدولي خلال العقد المنصرم تقريباً، خاصة في أعقاب ما يُسمى بـ"الربيع العربي"، ووقتها ظنَّ البعض أن القضية قد ماتت، إلا أنَّ ما نشهده اليوم ومنذ بدء العدوان الغاشم على الأراضي الفلسطينية المحتلة، يؤكد أن الضمير العربي ما زال مستيقظاً، وأن الوعي العربي- لاسيما بين الأجيال الجديدة- يعلم جيدًا أين الحق، ويؤمن بقوة بعدالة القضية الفلسطينية.

ولذلك لم يكن مستغرباً أبدًا البيانات المنددة من الدول العربية، وعلى رأسها السلطنة، التي نددت أكثر من مرة في أيام قليلة بما يحدث من اعتداء سافر من قبل الاحتلال الإسرائيلي، بل وقد طالبت السلطنة المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لإرغامها على التوقف فورًا عن هذه الأعمال الوحشية. هذا هو الموقف العُماني الراسخ المُنطلق من ثوابت وطنية لا تقبل المساومة، ولا ترتضي الهوان والذل، إنِّها عزة النفس العربية الشامخة، وقيم الإباء والرفض لكل ظلم وجور.. وها هم العُمانيون يؤازرون الشعب الفلسطيني الشقيق بكل ما يملكون من قدرات، بدءًا من الدعوات التي قادها في بداية الأمر سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي مفتي عام السلطنة، عندما خصص في دعاء صلاة الاستغاثة أدعية لشعب فلسطين المُناضل، وتلى ذلك بيانين مؤازرين من سماحته للنضال الفلسطيني، والصمود في وجه الاحتلال الغاصب. أضف إلى ذلك الحملات المناهضة لما يحدث في فلسطين المحتلة، وإبراز البربرية الإسرائيلية في أشنع صورها عبر التغريدات التي لا تتوقف، والمنشورات المستمرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مجسدين أروع صور النضال بالكلمة. وكذلك الحال بالنسبة للدعم المادي، حيث أعلنت الهيئة العُمانية للأعمال الخيرية عن جمع ما يزيد عن 100 ألف ريال عُماني في أقل من 72 ساعة، فور إطلاق حملة لإغاثة ونصرة الشعب الفلسطيني.

إننا وفي ظل ما يجري على الأرض من تطورات، وتفوق نوعي للمقاومة الفلسطينية الباسلة، أمام قوات الاحتلال ورغم فارق الإمكانيات، إلا أن هذه المقاومة- المنصورة بإذن الله- نجحت في هدم أسطورة "الجيش الذي لا يُقهر"، ودمرت أكذوبة منظومة الدفاع الجوي المعروفة باسم "القبة الحديدية"، لتُبرهن بذلك أن الحق أقوى من الباطل، وأن النصر سيكون حليف المظلوم، وأن الخزي والهوان آت لا محالة للظالم المعتدي المغتصب للأرض.