فوزي عمار **
** كاتب ليبي
لقد أثبت الهجوم الإسرائيلي على غزة هذه الأيام أموراً مُهمة لعل من أهمها: نهاية سردية الدولة التي لا تُهزم بعد فشل منظومة "القبة الحديدية" الدفاعية، ووصول صواريخ المقاومة إلى قلب تل أبيب؛ وهو انتصار مهم للقضية الفلسطينية، وفشل الهجوم الصهيوني ضد شعب يُحاول العيش فوق أرضه.
إن حالة الرعب التي يعيشها المستوطن الإسرائيلي من الصواريخ والصواريخ المضادة رفعت حالة الرعب لدى الصهاينة مما يوحي بأن القادم لن يكون مثل السابق.. ومن أهم نتائج هذه الأحداث الدامية: فشل السلاح النووي ونهاية عصره، بعدما أصبحت الصواريخ والطائرات المُسيرة "الدرون" مفتاح وسلاح التغيير، وأصبحت تقصف قلب الدولة الصهيونية دون فائدة لاستعمال السلاح النووي.
لقد اكتفت إسرائيل بقتل المدنيين الذين فاق عددهم 202 شهيد، في أقل من أسبوع من الهجوم، وبضرب البنية الاقتصادية من مبانٍ وأبراج في غزة والضفة الغربية، والعدد مرشح للزيادة في ظل استمرار القصف الغاشم. كما فشل الاحتلال في تعقب قيادات المقاومة أو معسكرات إطلاق الصواريخ والطائرات المتحركة.
لقد أصابت صواريخ المقاومة الكيان الصهيوني بالشلل التام أمام حركة الطيران، وخسائر بمئات الملايين والأخص سمعة الملاذ الآمن للسياحة والاستثمار، علاوة على تأكيد مدى هشاشة الأمن والأمان في الكيان الصهيوني خاصة في المدن المختلطة مثل اللد ويافا وحيفا.
وكشفت هذه الأحداث أيضاً عن تنامي الدور المصري عربياً ودولياً، فالجميع يُطالب مصر بالتدخل لما لها من ثقل وأهمية في الشارع الفلسطيني أولاً، ووجودها الجغرافي خاصة بعد دخول جيش مصر إلى سيناء في الحرب على الإرهاب مؤخرا، بعد منع جيشها بسبب اتفاقية كامب "فرُب ضارة نافعة".
لقد فتحت مصر معبر رفح وأرسلت مستشفى كاملَ التجهيز بالأطباء والجراحين لغزة لرفع الوزر عن أهلها.
كما جرت الأحداث خذلان أنظمة إقليمية غير عربية ظلت تتشدق بدعمها للفلسطينيين، بينما هي على أرض الواقع تُنفذ عمليات عسكرية في أراضي العرب بسوريا والعراق وليبيا، لكنها سكتت سكوتا تامًا أمام القضية الفلسطينية.
إن تخاذل الدول الأوروبية- وخاصة فرنسا بعد منع القضاء الفرنسي مظاهرات ضد الهجوم على غزة- يُمثل سابقة تعكس وهَم وكذبة حقوق الإنسان، عندما يخص الأمر جرائم إسرائيل الابن المُدلل لأمريكا والغرب.
لكن ذلك أظهر السقوط الأخلاقي والقانوني الذي تعيشه تلك الدول التي تتعامل بمكيالين عندما تكون القضية عربية أو إسلامية. لقد أصبحت قضايا مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان، حجة عليهم وليست حجة لهم في هذه الأحداث.
أخيرًا.. أثبتت القضية الفسلطية أنها قضية حية ومُلتهبة منذ عام النكبة في 1948 وحتى الآن، وهي تعيش في الوجدان العربي والإسلامي؛ وكأنها قامت بالأمس وليس منذ 73 سنة !!