ديمقراطية الأحرار

 

عائض الأحمد

لسنا بصدد حديث سياسي، فلم نعد نحبذه ولم يعد يستهوى الكثيرين، ممن فقدوا الأمل، هكذا أعتقد، ولكن لم لا نتحدث عن "ديمقراطية الأحرار" ممن انفصلت أرواحهم وتعلقت عقولهم بالمستحيل، بما أنهم أفراد وليسوا في قائمة أحزاب أو فصائل أو جماعات.

مجموعة رجال ونساء أنهكهم الزمن وبلغت بهم الحكمة أن صرخوا بعد فوات أوانهم، فجمعتهم الأحداث دون سابق ميعاد، وأخذ كُل منهم ينظر إلى الآخر متوجساً خيفة، فهو لم يشاهده من قبل، وإنما أتت الأقدار بهم فاستيقظوا من سباتهم هنا، وبدأ أكثرهم جرأة وشجاعة بالحديث عن سيرته، وملف أخباره قبل أن يقَلَبَ له ظهر المِجَن، وتتناثر أحواله،  بين مشفق على ما يرى، وبين مبتسم يتساءل ماذا جرى، فقد وهب حياته "عبدا" يسمع ويطيع، ويركن إلى صوت عقله كما يظن عندما يحدثه بأنَّ غده أفضل، فساقه القدر إلى وحدته وعجزه عن لوم من خذله ثم غادر دون وداع.

لن تجد في حديث أحدهم مأساة وألمًا، كما رأيته في من تجاوز الثمانين شاكياً غدر الأحبة، وكأن الشارع هو الوحيد الذي يأويه، طمعاً فيما منعهم منه صغارا فأخذوه عنوة، عندما ضعف وانهارت قواه وكأني بهم يردون صفعه أيام خوالٍ، يستشعرها الآن من حرمهم منها عقودا، فأثمرت حسرة وندامة لكليهما.

أيكم نهته فطرته عن خطأ؟ وأيكم قال لها لن أفعل؟ ليست سعيدة منذ اليوم الأول، حتى وفاة أحلامها، وتجعد زوايا ناظريها، شاخت وهي تنظر حلماً فاق كل أيامها كان يسبقها دون أن تستطيع اللحاق به. ربما غمرتها أفراحها مرة وعاندتها مرارًا!!

يقول وفي خباياه ما عجز عن فهمه البشر، لا تقل لي أعقل، فلم يعد لي قدرة لأحكم نفسي وألجم هواها، أخذت ما تريد وكأنها كانت تعطيني فصحوت على ظلمة باب أغلق خلفها دون استئذان.

كانت تتمنى وهي تضمر حقداً على الدنيا بأسرها، أخفته خلف ابتسامة ضعف ولين، وحين اقتربت الساعة، انقضت عليه فمزقت كل ماوقع في طريقها، منتشية بنصر أرداها صريعة، كمن يتخبطه الشيطان من المس، ليس اختلاف معتقد سيدتي، بل خلاف في لحظات صدق وصمت كبرياء وعفاف جسد عن الأخطاء، للأسف هذه السيدة لم أعد أعرفها.

كل هؤلاء يتحدثون لغة عصرهم، ويرفعون رايتها منافحين وغير آبهين، بنهاية البؤساء، وكأن ديمقراطية حكم الذات لم تكن عادلة أبدا، كانت بحاجة ذاك السياسي البشع، وذاك التاجر الجشع، ليجمع المؤيدين والمريدين وكأنه رجل دين يقول هذا حلال وهذا حرام، ولا يعلم ما خفي ألا الله. 

عندما تكثر سقطاتك دون سطوة من ذاتك، فلن يصلحك نظام ولن تنهاك قوة.

*****  

ومضة:

يقول إن أحببتها قتلتها.. وإن تركتني فعلتها أيضًا.

*****

يقول الأحمد:

من ينظر لما لديك فقد سحق أحلامه وعلقها بزوال نعمتك.