دعوى الاسترداد للاعتراض على إجراءات الحجز ووقف التنفيذ

 

د. مصطفى راتب

أستاذ مساعد بكلية البريمي الجامعية

 

دعوى استرداد المنقولات المحجوزة هي الدعوى التي يرفعها شخص من الغير، مدعيًا ملكية المنقولات المحجوزة أو أي حق يتعلق بها، طالبا فيها تقرير ملكيته على هذه المنقولات، أو تقرير أي حق يتعلق بها، وإلغاء الحجز الموقع عليها.

والمنقولات المطلوب توقيع الحجز عليها أو التي وقع الحجز عليها بالفعل، قد تكون مملوكة للغير، ويكون المدين حائزًا لها لمجرد كونه مستأجرا أو مستعيرا أو منتفعا أو مودعا عنده، وقد لا تكون المنقولات المطلوب توقيع الحجز عليها أو التي وقع الحجز عليها بالفعل مملوكة للغير ولكنها محملة بحق خاص للغير، كأن يكون للغير حق انتفاع عليها أو مالكا للرقبة فقط ولذلك أنشأ المشرع سبيلا خاصا يلجأ إليه الغير ليعترض على إجراءات الحجز التي تقع على منقول له حق عليه حتى يتمكن من استرداده وممارسة حقه عليه، وهذا السبيل يتمثل في رفع دعوى الاسترداد.

ويترتب على رفع الدعوى وقف البيع، ويظل موقوفاً إلى أن يفصل في موضوع الدعوى.

وهناك شروط لدعوى الاسترداد؛ إذ لكي تعتبر الدعوى المرفوعة من قبل دعاوى الاسترداد يجب أن تتوافر الشروط التالية.

أولاً: يجب أن ترفع الدعوى من شخص من الغير له حق على المال المحجوز غير حائز له، والمقصود بالغير هنا من لم يكن طرفاً في التنفيذ ويستند على حق يتعلق بالمنقول محل التنفيذ، ولا يشترط في رافع دعوى الاسترداد أن يدعى حق الملكية ذاته بل قد يكون أساس منازعته أي حق يرد على المنقولات المحجوز عليها.

ثانيا: يجب أن يطلب المدعي الحكم له بملكية المنقولات المحجوزة أو ثبوت أي حق آخر عليها يتعارض معه الحجز كما يجب أن يطلب فضلا عن ذلك بطلان إجراءات الحجز والغائها، في دعوى الاسترداد تهدف إلى أمرين: الأول تقرير ملكية المسترد للمنقولات المحجوزة أو أي حق آخر عليها والثاني بطلان الحجز الموقع على هذه المنقولات.

ولذلك يجب أن يطلب المدعي الطلبين معا والا لا تعتبر الدعوى دعوى استرداد، فلا نكون بصدد دعوى استرداد إذا اقتصر المدعى على طلب تقرير الملكية دون أن يطلب بطلان الحجز، ففي هذه الحالة تكون الدعوى دعوى ملكية عادية تنظرها المحكمة المختصة طبقا للقواعد العامة ويتعين على قاضي التنفيذ الذي ترفع إليه هذه الدعوى أن يحكم  بعدم الاختصاص والإحالة، كذلك لا نكون بصدد دعوى استرداد إذا طلب المدعى بطلان الحجز دون أن يبني هذا الطلب على ملكيته للمنقولات المحجوزة أو أي حق أخر يتعلق بها.

ثالثا: يجب أن تُرفع الدعوى بعد توقيع الحجز وقبل البيع، وذلك لأن دعوى الاسترداد ترمي إلى تخليص المنقولات المحجوزة من الحجز الموقع عليها، ولتحقيق هذا الهدف بحيث تصبح المنقولات طليقة من قيد الحجز ينبغي أن ترفع الدعوى في الفترة الزمنية بين توقيع الحجز وقبل البيع.

رابعا: يجب أن ترفع الدعوى على كل من الدائن الحاجر والمدين المحجوز عليه والحاجزين المتدخلين في الحجز والمقصود بالدائن الحاجز هنا الحاجز الأول على المنقول، وعلة ضرورة اختصام هؤلاء جميعا هي أن المدعي من ناحية يطلب الحكم له بالملكية أو ثبوت حقه على المال وهذا يقتضى توجيه الطلب إلى - المدين المحجوز عليه وصدور الحكم في مواجهته، ومن ناحية أخرى يطلب الحكم ببطلان إجراءات الحجز وإلغائها وهذا يقتضي صدور الحكم في هذا الطلب في مواجهة الدائن الحاجز المباشر لهذه الإجراءات كما أن الدائنين الحاجزين المتدخلين في الحجز شأنهم بالنسبة للحجز هو شأن الحاجز الأول ولذلك يجب اختصامهم أيضا لأن لهم جميعا مصلحة أكيدة في الإبقاء على الحجز.

خامسا: يجب أن تشتمل صحيفة الدعوى على بيان واف لأدلة الملكية، وحكمة ذلك تمكين المدعى عليهم من معرفة الأدلة التي يستند إليها المدعي فاستعدوا للرد عليه في أول جلسة دون حاجة لطلب التأجيل للاستعداد، وحتى يتمكن القاضي من التحقق من جدية هذه الدعوى، كما أن البيان الوافي لأدلة الملكية يؤدى إلى تضييق الفرصة في مواجهة المشاكس سيء النية الذي يرفع دعوى استرداد كيدية ليتوصل إلى وقف التنفيذ ثم بعد ذلك يلفق ما يشاء من أدلة الملكية، فالمشرع يتطلب من رافع هذه الدعوى أن يكون إثبات ملكيته حاضرا وقت رفع الدعوى.

ويجب حتى يكون بيان الأدلة وافيا أن يكون واضحا محددا غير وارد في عبارات مبهمة كأن يقول المدعي في صحيفته أنه يملك الشيء بالشراء دون أن يشير إلى اسم البائع وتاريخ البيع وملابساته وشهوده، بل يجب إذا أدعى ملكية المنقولات المحجوزة عن طريق الشراء أن يذكر اسم المشترى وتاريخ الشراء وثمنه ومكانه وظروفه وشهوده. وتقدير ما إذا كان البيان الخاص بأدلة الملكية وافيا أو غير واف يرجع إلى مطلق السلطة. التقديرية للمحكمة المرفوع إليها دعوى الاسترداد.

سادسا: يجب أن يودع رافع الدعوى المستندات الدالة على الملكية عند تقديم صحيفة الدعوى لقلم الكتاب، ففضلا عن ضرورة ذكر جميع البيانات الخاصة بالملكية في صحيفة الدعوى يجب أن يرفق المدعى جميع المستندات المؤيدة لهذه البيانات بصحيفة الدعوى عقد البيع وإيصالات المخالصة بالثمن وغير ذلك من المستندات، وعلة ذلك تمكين المدعى عليهم من الاطلاع عليها قبل الجلسة المحددة لنظر القضية فلا يضطرون إلى التمسك بتأجيلها للاطلاع على مستندات خصمهم ولا تضطر المحكمة إلى هذا التأجيل، والجزاء المترتب على عدم إيداع هذه المستندات هو أن تحكم المحكمة بناء على طلب الحاجز بالاستمرار في التنفيذ وهذا الحكم لا يقبل الطعن فيه.

وإجراءات دعوى الاسترداد والاختصاص بها والإثبات فيها، تتضمن رفع دعوى الاسترداد- كأية دعوى- وفقا للإجراءات المعتادة في رفع الدعاوى؛ أي بصحيفة تودع قلم الكتاب، وتُقيد، ثم تُعلن للمدعى عليهم مع تكليفهم بالحضور أمام قاضي التنفيذ. وهذه الدعوى تمثل إشكالا موضوعيا في التنفيذ، ولذلك يختص بها نوعيا قاضي التنفيذ، ويكون الاختصاص المحلى بها لمحكمة التنفيذ التي يجرى التنفيذ تحت إشرافها، أي محكمة التنفيذ التي يقع المنقول محل الحجز في دائرتها.

وعبء إثبات ملكية المنقولات المحجوزة يكون على المسترد في جميع الحالات حتى ولو كان يشارك المحجوز عليه في حيازة هذه المنقولات كحالة الزوج والزوجة والابن ووالده والأخوة الذين يعيشون معا، فمثلا إذا حجز دائن الزوج على منقولات الزوجة الموجودة في مسكنهما، ورفعت الزوجة دعوى استرداد فإن عبء إثبات ملكيتها لهذه المنقولات يقع عليها.

وأخيرًا.. نناشد المشرع العماني بالنص صراحة على دعوى الاسترداد ضمن نصوص قانون الإجراءات المدنية والتجارية رقم 29 لسنة 2002؛ لأن من شروط الحجز على أموال المدين أن تكون هذه الأموال مملوكة له وليس للغير حق عليها.