نخلقها ثم ننقلب عليها

 

عائض الأحمد

نقبل ونرفض وغالبا نعلو على كل هذا، ثم نعاوده، وكأننا لم نشعر، ويأتي التفسير بأنها العادة. دائما نهرب إلى الأمام، ونتجاوز أخطاءنا، ونضع اللوم على أى شيء، ونعلق عليه كل ما تلبسنا بطوعنا وبمحض إرادتنا.

الغريب أيضا، وفي أحيان كثيرة، نتجاهل السبب الذي نعتقده مباشرا، ونبحث عن سراب نعلمه يقينا لا ريب فيه.. ومع كلِّ هذا، ننفصلُ بذواتنا المغيَّبة في دواخلنا، ونريها ما تعتقد بصوابه، ثم نُجبرها بوعي كامل على أنها سبب فشلنا وسبب تأخرنا وسبب ضعفنا وسبب ظهور أحدنا مهلهلا يفقد معنى كلمة رجل أو كلمة سيدة كاملة النضج.

ما رأيك في العادات والتقاليد وما صَنع الحداد؟

سُلم يصعده الجبناء خوفا، ليس لغرض الصعود بُغية تغيير نرجوه، وإنما لهبوط أكثر قسوة. التعددية سمة العصر، وأيقونته المتحضرة.. هكذا هي الحياة، وهكذا عليك أن تعيشها، لا يوجد ما يثير فيَّ قولا يخالفك وليس من حرج في رفضه، الرفض تعبير كما المُوافقة وليست سطوة أو إكراهَ خلق الله هذه النفس البشرية بروح واحدة، لكنها تحيا بأفكار متنوعة لا نهاية لها، وقد تتغير في عشية وضحاها، لها ما يسيرها وما تسر به إن فقد وجودها علانيه أظهرتها خفية، وفي نفس "يعقوب" شيء يخفيه.

يدعوك ليس للمناقشة وتبادل الآراء، وإنما لشرح ما يريد أن يمليه عليك، ثم يدعوك للتصويت بنعم، فهو حقا له، فقد صرف الكثير من المال من أجل نعم، أيًّا كانت هذه "النعم"، وهل تستحق كل هذا العناء؟

إنْ لم تكن عادة ودستورًا يتداوله شعب، فماذا ستكون إذن؟

عندما أخذتني تلك السيدة الرائعة، همستْ في أذني وتنفست بها، فسمعت شهيقها وزفيرها، ثم وضعت يدها على رأسي وقرأت الفصل الأول من "صحيفة الدستور": لا تكذب، لا تناقش، وعليك أن تستمع حتى النهاية ولو كانت نهايتك. ثم تلت الورد القومي المعتاد: "بلادي وإن جارت عليَّ عزيزة، وأهلي وإن ضنوا علي كرام".

هل تعلم بأن القائل مجهول أيضا؟

وكأنَّ الجهل أو التجاهل يُلازمني حديث "عباس" عالم الفيزياء الذي قضى أجمل أيام حياته في "مدرجات" جامعة مدينته، وحينما زلَّت قدمه فيمن جعل من طريقه مستنقع أوبئة، لم يكن يعلم نهايتها، فقد ذاكرته وأصبح من كان يمد له يد العون يحمله بعد أن عاد إلى الشارع الذي أفقده ميزته وتميزه، الجسد يحمل "عباس" والعقل يحمل "العامل" البسيط، لقد "أُكلت يوم أكل الثور الأبيض" - لك الله.

كم عاش بيننا "عباس"؟ وهل كان خياره أن يسقط سقطة المغشي عليه؟

تقول إحدى الدراسات قبل سقوط "عباس" إنَّ الأشخاص المُعرَّضين لهذه الحوادث الطارئة هم سبب مباشر في تلوث البيئة، وزيادة غاز ثاني أكسيد الكربون، وتتعمَّق أكثر بأنَّ أسباب زيادة النسل مرتبطة بخيارات الفقراء؛ لأنهم الأكثر سعادة وترقبا للمستقبل، ويقبلون على الحياة بذراعين مفتوحتين، ونظرة واسعة تفوق منظمة "الأوبك" في توقع أسعارها خلال الأعوام المقبلة، وتبلغ مستوى "حلف الناتو" قدرة وسيطرة على رد أى هجوم مهما كانت أسبابه.

وتخلص إلى القول بأنَّ حُمى "الصفراء" لم يكُن البعوض سببها، وإنما تعارُض الأفكار وتقاطعها بطرق عكسية تُضعِف المناعة، وتُرهق العقول؛ فكأنَّ القادم راحل لا محالة، كما قالت النشرة الأخيرة "لمنظمة الصحة العالمية".

"على فكرة وين لقاح (كوفيد 19)"؟!

***********

ومضة:

واثِق الخطوة يَرْقُبُ أملا.

----------------

يقول الأحمد:

كان صديقي يقلِّب صفحات ماضيه، ويُطلق ضحكات هسترية، مُعلقا على صورة.. متسائلا: يا الله!!! ماذا كُنت أفعل هنا؟ تصدق في هذا اليوم، ورغم هذه الابتسامة كنت أُخفِي جرحًا عميقًا لم يغب أثره إلى اليوم، وهذا ما جعل منى قارئًا جيدًا للصور، وما خلف الكواليس وكأنني أملك تفسيرًا لكل المشاهد الخلفية التى لا يشاهدها أحد.

وتقول هي:

المشاعر مُختلفة.. تأخذها غفوة أو سقطة، ولعله حان وقت استيقاظها، تعلمتُ أنَّ وجود البعض خطأ ربما حظ قد يكون شيئًا آخر، تغيَّرت كثيرا ولفظت بعض ظنونهم؛ فكسبت نفسي وخسرتهم.. سأحتفلُ وأدعو من نالهم قلبي، فمرحبا ثلاثا وعشرا بعمر جديد.