دروسٌ للحياة اختزلها الشعراء في أبيات

جيهان رافع

لمن نقول نحبكم؟

 للأصدقاء الذين يتابعوننا بشغفِ اللقاء الأول، لمن يغفر لنا أخطاءنا وينظر لها بعين الإحساس لأسبابها، فلا يُصدر أحكامًا مسبقة الظنّ ولا يحكم على ما نفعل من الخارج بل يغوص في أبحر كلماتنا وأفعالنا كي يرى من العمق ما عانينا وما نُعاني، لمن نتحدث معهم من دون أن نضع الأقنعة على وجوه كلماتنا، فأنتم المقيمون في ذاكرة حياتنا وموتنا وحضورنا ورحيلنا، باختصارٍ أنتم الحياة.

"الحياة حلم يوقظنا منه الموت"

"من جرّبَ الكيّ لا ينسى مواجعَهُ .. ومن رأى السمّ لا يشقى كمن شربا" (نزار قباني).

أسْعَدُ الناس مَنْ يُسعِد الناس، كلمات نرددها ولا نعتني بمعانيها، ونرى القلائل من الناس يطبق هذه الحِكمة التي تدلنا على أقصر الطرق إلى السعادة والجنة، فالحياة أعمق من أن نتحدث عنها، ومع اختلاف حيواتنا، لكن الكلمات أكثر تشابهًا، لقد اختزل لنا الشعراء الحكماء، الكثير من تجاربهم اليومية واختصروا لنا في أبيات حِكَم عظيمة للحياة، لأنهم كانوا على علمٍ أنّ كلّ منِّا يحتاج عونًا ليحيا بسلام داخلي حتى أثناء المصاعب، فكانت وما زالت لنا عونًا جميلًا صديقًا. 

وقال أحد الشعراء: "فإنّ الذّلّ يأتي من ذليلٍ...ولن يأتي بيومٍ من كريمِ...فلا التغريدُ يأتي من غرابٍ...ولا الأنسابُ جاءتْ من عقيمِ".

"النفس تبكي على الدنيا وقد علِمَتْ.... إنّ السلامة فيها تَركُ ما فيها...أموالنا لذوي الميراث نَجمعها... ودورنا لخرابِ الدَهرِ نبنيها... كم من مدائنَ في الآفاق قد بُنيَتْ ... وأمستْ خَرابًا وَدانَ الموتُ دانيها... لكلّ نفسٍ وإن كانت على وجلٍ ... من المنيّة آمالٌ تُقوّيها... فالمرءُ يبسُطُها والدهرُ يَقبضها ... والنفسُ تنشُرُها والموتُ يطويها" (علي بن أبي طالب) 

"اصبر لكل مصيبة وتجلّدِ... واعلم بأنَّ المرء غير مُخَلِدِ ... أو ما ترى أنَّ المصائب جمّة ... وترى المنية للعباد بمرصدِ" (أبو العتاهية)

"سنمضي.. ويبقى السراب.. وظلّ الشفاه الظماء.. يهوم خلف النقاب.. وتمشي الظلال البطاء... على وقع أقدامك العارية... إلى ظلمة الهاوية". (بدر شاكر السياب).

"أخفيتُ حبّك حتى كدتُ من حذري... عليه أُخفيه عن سمعي وعن بصري". (الخبز أزري).

"ومن رامَ العُلا من غير كدٍّ... أضاعَ العمرَ في طلبِ المحالِ" ( الإمام الشافعي).

وقال أحدهم: "وإني في بلاد الحياة أمشي ضاحكًا ...هاربًا من سجن الذكريات بكسر أحزاني..

فلماذا أبقى في ذاك السجن عالقًا ... وقد علمتني الحياة أن أضحك بعدَ أن أعاني".

"أطرِقْ كأنك في الدنيا بلا نظر... واصمتْ كأنك مخلوقٌ بغير فم... إن صواب الصمت خير مغبة ... من النطق المشوش للمتكلم".

في وقتٍ ما سيأتي لك يوم بالذكريات دفعة واحدة، فتسأل نفسك: هل أنا ذا الذي اجتاز كل تلك المصاعب بقوّة الإيمانِ؟ وما زلت من حزن الإجابة أعاني؟ وعلى قيد الأمل أرى روحي تغادر من السجن والسجّان؟ فلا أطلب من الله سوى الغفرانِ.